وأما العقل،فلاستقلاله (١) بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترك ما احتمل حرمته (*)
______________________________________________________
(١) بعد أن فرغ المصنف من بيان الدليل النقلي على وجوب الاحتياط في الشبهة البدوية بعد الفحص تعرض للدليل العقلي ، وقد قرر هذا الدليل بوجهين هذا أولهما ، وهو مؤلف من صغرى وجدانية وكبرى برهانية. أما الصغرى فهي أن كل مكلف بمجرد التفاته يعلم إجمالا بتكاليف إلزامية في الشريعة المقدسة وهي منتشرة في الوقائع المشتبهة ، ونسبة هذه التكاليف المعلومة إجمالا إلى المشتبهات كنسبة ألف شاة محرمة في عشرين ألف شاة ، فهي من شبهة الكثير في الكثير ولم يعلم بعد مراجعة الأدلة بالخروج عن عهدة تلك التكاليف الواقعية المعلومة إجمالا التي كلفنا الشارع بامتثالها. وأما الكبرى فهي : استقلال العقل بتنجز الخطاب بالعلم الإجمالي به ، فنرتب المقدمتين هكذا : هذه تكاليف إلزامية معلومة بالإجمال ، وكل ما كان كذلك فهو منجز عقلا ، فيجب بحكم العقل الخروج عن عهدتها ، ولا يتحقق ذلك إلّا بالاحتياط بالإتيان بما يحتمل وجوبه وترك ما يحتمل حرمته ، لاقتضاء الاشتغال اليقيني البراءة اليقينية.
__________________
(*) لكن شيخنا الأعظم (قده) قرر هذا الدليل العقلي بوجه آخر يختلف عما في المتن ، قال (قده) : «وأما العقل فتقريره من وجهين : أحدهما : أنا نعلم إجمالا قبل مراجعة الأدلة الشرعية بمحرمات كثيرة يجب بمقتضى قوله تعالى : وما نهاكم عنه فانتهوا ونحوه الخروج عن عهدة تركها على وجه اليقين بالاجتناب أو اليقين بعدم العقاب ... إلخ».
ومن المعلوم مغايرته لما في المتن من وجهين :
الأول : افتراقهما في متعلق العلم الإجمالي ، حيث ان شيخنا الأعظم (قده) جعل متعلق العلم الجمالي خصوص الشبهات التحريمية ، ووجهه واضح ،