ولا وجه لترجيح (١) احتمال الحرمة مطلقا (٢) لأجل (٣) أن دفع
______________________________________________________
الحكم الواقعي واحدا حقيقة دائرا بين الوجوب والحرمة.
(١) وهذا إشارة إلى القول الثاني في مسألة الدوران بين المحذورين ، وهو وجوب الأخذ بأحدهما تعيينا بترجيح جانب الحرمة ، وقد تقدم منّا ذكر الاستدلال عليه بوجوه خمسة ، حيث قلنا : «واستدل عليه بوجوه خمسة الأول الأصل ... إلخ» والمصنف أشار أوّلا إلى أقوى تلك الوجوه وهو الوجه الثالث ـ حسبما ذكرناها ـ بقوله : «لأجل أن دفع المفسدة أولى ... إلخ» ثم أجاب عنه بقوله : «ضرورة أنه رب واجب يكون ...» أما نفس الدليل فقد تقدم بيانه عند ذكر الاستدلال به وببقية الوجوه الخمسة على هذا القول ، وأما الجواب عنه فتوضيحه : أنه ليس كل حكم تحريمي أهم من كل حكم إيجابي حتى يكون احتمال الحرمة دائما مقدما على احتمال الوجوب ، بل لا بد من ملاحظة المصالح والمفاسد التي هي ملاكات الأحكام ، فربّ واجب يكون أهم من الحرام كحفظ النّفس ، فانه مقدم على حرمة الغصب عند المزاحمة ، فلذا يكون احتمال وجوبه ـ مهما كان ضعيفا ـ مقدما على احتمال حرمة الغصب مهما كان قويا. وكذا إذا دار الأمر بين كون شخص نبيا أو سابا للنبي ، فان وجوب حفظ النبي أهم قطعا من حرمة حفظ سابّه حدا. وربّ حرام يكون أهم من واجب كالغصب والوضوء ، وعليه فلا يقدم احتمال الحرمة مطلقا على احتمال الوجوب.
(٢) قيد لقوله : «لترجيح» يعني : سواء كانت الحرمة مشتملة على الشدة والزيادة أم لا.
(٣) متعلق بـ «لترجيح» وعلة له.