المفسدة أولى من ترك المصلحة ، ضرورة (١) أنه ربّ واجب يكون مقدما على الحرام في صورة المزاحمة بلا كلام ، فكيف يقدم على احتماله احتماله (٢) في صورة الدوران بين مثليهما (٣) (*) فافهم.
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «لا وجه» وجواب عن مفاد الدليل وهو إطلاق الأولوية والترجيح ، وقد عرفت توضيحه.
(٢) أي : فكيف يقدم احتمال الحرام على احتمال الوجوب مطلقا؟
(٣) أي : مثل الواجب والحرام المتزاحمين ، والمراد بمثليهما الوجوب والحرمة في المقام.
والحاصل : أن المناط في ترجيح أحد احتمالي الوجوب والحرمة على الآخر في صورة دوران الأمر بين المحذورين هو المناط في ترجيح أحد المحتملين على تقدير العلم بهما وتزاحمهما ، فكما لا يكون هناك أحدهما مقدما مطلقا على الآخر ، بل يكون المقدم منهما ماله شدة طلب وزيادة اهتمام به سواء كان هو الواجب أم الحرام ، فكذلك هنا. ولو تمت الأولوية المذكورة مطلقا وفي جميع الموارد لكان أصغر المحرمات أعظم من ترك أهم الفرائض عند التزاحم ، مع أن ترك الواجب سيئة أيضا ، بل عدّ ترك الصلاة من أكبر الكبائر.
وبالجملة : فكل ما يكون مرجحا في ظرف العلم بالواجب والحرام يكون مرجحا أيضا في صورة احتمال الوجوب والحرمة.
__________________
(*) مع اختصاصه على فرض تسليمه بما أحرز كل من المصلحة والمفسدة وعدم شموله لما احتمل ذلك ، وإلّا كان الاستدلال به لوجوب الاحتياط في الشبهة البدوية التحريمية حيث يتمحض الشك في الحرمة والإباحة أولى ، إذ لا مزاحم لاحتمال المفسدة هناك أصلا ، مع عدم التزام أحد به.