وأما الإجماع (١) (*) ، فقد نقل على البراءة ، إلّا أنه موهون
______________________________________________________
(الاستدلال بالإجماع على البراءة)
(١) كلامه هذا ناظر إلى ما أفاده شيخنا الأعظم (قده) في الاستدلال على البراءة بالإجماع ، فينبغي أوّلا نقل كلامه محررا ثم توضيح المتن ، فنقول : ذكر (قده) لتقرير الإجماع وجهين : أحدهما : إجماع العلماء كلهم على البراءة في ما لم يرد فيه ـ من حيث هو هو ـ دليل عقلي أو نقلي على تحريمه ، ثم ناقش فيه بقوله : «وهذا الوجه لا ينفع إلّا بعد عدم تمامية ما ذكر من الدليل العقلي والنقلي للحظر والاحتياط» ووجه المناقشة فيه واضح ، فان المحدثين يدعون
__________________
موضوعها محققا بأصالة العدم ، ولا مانع من تسرية هذه الإباحة إلى عنوان «المشتبه حله وحرمته» ببركة عدم الفصل.
(*) إذا كان الإجماع على السعة وعدم الضيق من ناحية الإلزام الواقعي المجهول ، كان معارضا لما دل على وجوب الاحتياط ، ولا بد من معاملة أحكام التعارض معهما ، لكن كلمات شيخنا الأعظم في نقل تقارير الإجماع لا تساعد على هذا المعنى ، إذ ظاهرها أنه إرشاد إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وحينئذ فأدلة الاحتياط ـ على فرض تسليمها ـ حاكمة بل واردة على هذا الإجماع فلا ينهض دليلا على البراءة ، لكن عدم نهوضه عليها ليس لوجود المانع وهو أدلة الاحتياط فحسب ، حتى تكون دلالته على البراءة ـ لو لا الدليل الحاكم أو الوارد ـ تامة ، بل انما هو لقصور المقتضي فيه وهو كونه إجماعا مدركيا لا تعبديا ، وعليه فليس وزانه وزان آية : «وما كنا معذبين» بمعنى كونه للإرشاد إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لعدم تماميته في نفسه حتى لو لم تكن أخبار الاحتياط في البين.