وما قيل (١) من «أن الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته كالإقدام على
______________________________________________________
(١) القائل شيخ الطائفة (قده) في عدة الأصول ، وقد عرفت ـ عند بيان الأقوال الثلاثة في مسألة الحظر والإباحة ـ أنه استدل بقبح الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته ـ على أن الأشياء على الوقف دون الحظر أو الإباحة. وغرض المصنف من التعرض لكلامه (قدهما) هنا بقوله : «وما قيل ... إلخ» هو دفع توهم عدم جريان البراءة العقلية التي تقدمت الإشارة إلى إمكان جريانها بقوله : «لاحتمال أن يقال معه بالبراءة ... إلخ» نظرا إلى كلام شيخ الطائفة.
تقريب توهم عدم جريانها : أن احتمال التكليف يلازم احتمال المصلحة أو المفسدة بناء على ما هو الحق من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد. وعليه فمخالفة محتمل الحرمة توجب احتمال الضرر الناشئ من الملاك وهو المفسدة ، لأنها ضرر على المكلف ، ودفع الضرر واجب ، فيجب امتثال محتمل الحرمة ، ولا تصل النوبة إلى قاعدة قبح العقاب ، لأن قاعدة دفع الضرر المحتمل واردة عليها كما تعرضنا له سابقا. وعليه فهذا التوهم مؤلف من صغرى وهي : «أن ارتكاب محتمل الحرمة لكونه محتمل المفسدة ضرر كارتكاب معلوم الحرمة» وكبرى وهي «أن كل ضرر يجب دفعه» فارتكاب محتمل الحرمة يجب دفعه ، ولا يتحقق دفعه إلّا بتركه فيجب ، فالنتيجة : أن الإقدام على ارتكاب المشتبه حرام.
__________________
التشريع. وكذا سائر أقسام القبلية ، فان شيئا منها من الطبعي والرتبي والعلّي والشرفي وغيرها لا يناسب المقام ، فلعل المراد حكم العقل في مسألة الحظر والإباحة مع الغض عن الشرع وان كان خلاف الظاهر.
وكيف كان فالمسألتان متغايرتان موضوعا وملاكا وأثرا ولا تتحدان ، فلا يغني البحث في إحداهما عن البحث في الأخرى. مضافا إلى أن مسألة الحظر والإباحة من المسائل الخلافية فلا يصح الاستدلال بها على البراءة كما لا يخفى.