والجواب : أن القول بالإباحة (١) شرعا وبالأمن من العقوبة
______________________________________________________
هذا بناء على تفسير التقوي المأمور بها بما يشمل ترك محتمل الحرمة وفعل محتمل الوجوب مع عدم قيام حجة عليهما ، فحينئذ يكون ترك محتمل الوجوب وفعل محتمل الحرمة منافيا للتقوى ، وأما بناء على تفسيرها بخصوص فعل الواجبات المعلومة وترك المحرمات المعلومة ، فلا يتم الاستدلال بها.
إلّا أن يدعي المحدثون معلومية وجوب الاحتياط في المشتبه ، فيكون مخالفته حينئذ مخالفة للتقوى أيضا ، لكنه خلاف الفرض ، لأنهم يريدون إثبات وجوبه بهذه الآية ، فإذا كان وجوبه معلوما لم يحتج إلى إثباته بها. اللهم إلّا أن يدعوا معلومية وجوبه بغير هذه الآية ـ يعني آية التقوي ـ ويكون غرضهم من الاستدلال بهذه الآية أن ترك العمل بهذا الواجب مخالفة للتقوى ، نظير الصلاة مثلا فان وجوبها ثابت بغير آية التقوي ، ويستدل بهذه الآية على أن ترك هذا الواجب المعلوم وجوبه مخالف للتقوى ، هذا.
وزاد شيخنا الأعظم على الآيات المتقدمة طائفة أخرى ، قال (قده) : «ونحوهما في الدلالة على وجوب الاحتياط : فاتقوا الله ما استطعتم ... وقوله تعالى : فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» فراجع.
(١) توضيحه : أن شيئا من الخطابات التي تضمنتها الآيات الشريفة المتقدمة لا يتوجه على من يقول بالبراءة استنادا إلى الدليل العقلي والنقلي المتقدمين ، إذ ليس القول بالبراءة في المشتبه حينئذ قولا بغير العلم ، ولا موجبا للوقوع في التهلكة بمعنى العقوبة ، ولا منافيا للتقوى.
وبالجملة : بعد دلالة الدليل العقلي والنقلي على البراءة لا يكون فعل محتمل الحرمة موجبا للتهلكة ، ولا مخالفا للتقوى. وأما احتمال العقوبة فلا موجب له أيضا ، بل المعلوم عدمها ، لما عرفت غير مرة من عدم الملازمة بين الحكم