.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ومنه ظهر أنه لا تعارض بين القاعدتين ، فان كل واحدة منهما حكم عقلي عملي قطعي ، ولا معنى للتعارض بين القطعيين ، بل كل ما يتراءى منه التعارض فليس منه حقيقة بل أحدهما رافع لموضوع الآخر.
نعم قد يناقش في كون الوجوب عقليا إرشاديا بما في حاشية بعض المدققين (قده) من قوله : «وأما كونها حكما عقليا عمليا ، فحيث ان العاقلة لا بعث لها ولا زجر لها ، بل شأنها محض التعقل كما مر تفصيله في مبحث الظن وغيره ، ومنه تعرف أنه لا معنى لحكم العقل الإرشادي ، فان الإرشادية في قبال المولوية من شئون الأمر ، وإذ لا بعث ولا زجر فلا معنى لإرشادية الحكم العقلي ، فلا محالة ليس معنى الحكم العقلي إلّا إذعان العقل بقبح الإقدام على الضرر بملاك التحسين والتقبيح العقلائيين».
أقول : المستفاد من كلامه (قده) اعتبار قيدين في الإرشادية : أحدهما : كون الإرشاد بالأمر ، والآخر كون المرشد هو الشارع. وان شئت فقل : ان الإرشادية كالمولوية من وظائف الشارع وخصائصه ، وان الأمر ينقسم إلى المولوي والإرشادي ، فليس لغير الشارع الإرشاد ، كما أنه لا يكون الإرشاد بغير الأمر.
وأنت خبير بما في كليهما ، إذ في الأول أن الإرشادية التي هي عبارة عن الاخبار عما في الشيء من النّفع والضر والصلاح والفساد من الأمور العرفية التي لا تختص بلفظ خاص ، بل تتحقق الإرشادية بكل ما يحكي عن صلاح الشيء وفساده ولو كان فعلا أو كتابة ، ولا تختص بصيغة الأمر ، بل الغالب في المبرز غيرها كإخبار الطبيب وغيره من أهل الخبرة بما في الأشياء من المنافع والمضار والمصالح والمفاسد.