وفيه (١) : أن نفي التعذيب قبل إتمام الحجة ببعث الرسل لعله كان
______________________________________________________
وبالجملة : فصحة التمسك بالآية الشريفة على البراءة مبنية على دلالتها على عدم حسن العقاب على التكاليف المجهولة ما لم تنهض عليها حجة وبيان.
الرابع : دلالة نفي التعذيب الدنيوي بالأولوية القطعية على نفي العذاب الأخروي ، لانقطاع الأول ودوام الثاني.
إذا عرفت هذه الأمور ، فيقال في تقريب الاستدلال : ما كان يحسن بنا العذاب على التكاليف المجهولة قبل إبلاغها وإقامة الحجة عليها ، وهذا هو المطلوب.
(١) حاصله : المناقشة في دلالة الآية الشريفة على البراءة بمنع ثالث الأمور المتقدمة وهو التلازم بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق ، وقد سبقه في هذه المناقشة صاحب الفصول في أدلة البراءة ، حيث قال : «ويشكل بعد التسليم بأن نفي التعذيب لا يدل على نفي الوجوب والتحريم ، لجواز الاستحقاق والعفو». توضيح وجه المنع : أن نفي الفعلية ليس لازما مساويا لنفي الاستحقاق حتى يدل نفيها على نفيه كما كان ذلك مبنى الاستدلال على البراءة ، بل نفي الفعلية أعم من كونه لعدم الاستحقاق أو لتفضله تبارك وتعالى على عباده مع استحقاقهم للتعذيب ، فلا يصح الاستدلال بالآية الشريفة على البراءة ، هذا.
وأما شيخنا الأعظم (قده) فقد ناقش في دلالة الآية الشريفة على البراءة بمنع ثاني الأمور المتقدمة ، وهو دلالتها على استقرار عادته تعالى على عدم التعذيب قبل البيان ، حيث قال : «وفيه : أن ظاهره الاخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث ، فالمراد بالعذاب هو الدنيوي الواقع في الأمم السابقة» ومحصله : أن المراد بالعذاب هو الدنيوي الواقع في الأمم السابقة لا الأُخروي المترتب على مخالفة التكليف المجهول كما هو المقصود في البراءة ، فالآية في مقام