منة منه تعالى عباده مع استحقاقهم لذلك (١) (*)
______________________________________________________
الاخبار عن وقوع العذاب في الأمم الماضية ، وأنه كان بعد إتمام الحجة عليهم ببعث الرسل ، فقوله تعالى : «ما كنا» ليس منسلخا عن الزمان ، فالآية أجنبية عن البراءة ، فلا يصح الاستدلال بها عليها ، هذا.
والفرق بين المناقشتين : أن الشيخ (قده) ينكر انسلاخ «كُنّا» عن الزمان ويدعي دلالة الآية على الاخبار عن فعل الله سبحانه بالأمم الماضية ، والمصنف (قده) ينكر دلالة نفي فعلية التعذيب على نفي الاستحقاق ، والمفروض أن الاستدلال بالآية مبني على التلازم بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق.
(١) أي : للعذاب ، فلا يدل نفي الفعلية على نفي الاستحقاق حتى يصح الاستدلال بها على البراءة.
__________________
(*) فيه ما لا يخفى ، لعدم جريان عادته تبارك وتعالى على عدم التعذيب مع الاستحقاق منة وتفضلا عليهم ، ضرورة أنه عزوجل قد يعفو عن المذنبين وقد يعذبهم ، إذ ليس التعذيب مع الاستحقاق مخالفا للعدل والحكمة ، بل هو موافق لهما ، فالملائم لاستقرار ديدنه جلّ وعلا على نفي التعذيب هو عدم الاستحقاق ، لا التفضل والمنة ، فالآية تدل على البراءة ، لدلالتها على عدم الاستحقاق الكاشف عن عدم التكليف قبل البيان ، ولا تدل على نفي التعذيب الفعلي مع الاستحقاق كما في قوله تعالى : «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم» الدال على نفي العذاب الفعلي مع الاستحقاق ، حيث انه كالصريح في نفي التعذيب الفعلي إكراما لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الاستحقاق ، إذ بدونه يستند عدم التعذيب إلى عدم المقتضي لا إلى وجود المانع وهو إكرامه صلىاللهعليهوآله ، فلا مورد لنفي العذاب إكراما وإعظاما لمقامه صلىاللهعليهوآله إلّا مع وجود المقتضي للتعذيب ، ففرق واضح بين هذه الآية وقوله تعالى : «وما كنا