فيما لم يكن ترجيح في البين (*) وأما بناء على التخيير ـ كما هو المشهور ـ فلا مجال لأصالة البراءة وغيرها (١) ، لمكان (٢) وجود الحجة المعتبرة وهو أحد النصين فيها (٣) كما لا يخفى.
وقد استدل على ذلك بالأدلة الأربعة :
أما الكتاب فبآيات (٤)
______________________________________________________
(١) من الأصول الأخر كالاستصحاب.
(٢) تعليل لقوله : «لا مجال» ووجهه واضح ، إذ الحجة على الواقع موجودة وان كانت مرددة بين شيئين.
(٣) أي : في مسألة تعارض النصين.
الاستدلال بالكتاب على البراءة
(٤) منها : قوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها» (١) بإرادة الحكم الواقعي من الموصول والاعلام من الإيتاء ، قال في الفصول : «فان الإتيان لا يصدق في ما لا ينصب أمارة عليه» يعني : لا تكليف قبل البيان.
لكن لا ظهور للآية في ذلك أصلا ، إذ يحتمل فيها أيضا إرادة المال من الموصول وإرادة الدفع أو الإنفاق من نسبة التكليف إليه ، والمعنى : «أنه سبحانه لا يكلف نفسا إنفاقَ مالٍ إلّا ما أعطاها من المال» وهذا هو ظاهر الآية بملاحظة صدرها وذيلها : «لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا» فتدل ـ بمقتضى سياق
__________________
(*) الأولى أن يضاف إليه : «ولم نقل بالتخيير بينهما أو كان ترجيح ولم نقل بوجوبه» فمرجعية أصالة البراءة في تعارض النصين تختص بما إذا لم نقل بالتخيير في المتكافئين وبوجوب العمل بالراجح إذا كان أحدهما ذا مزية ورجحان.
__________________
(١) الطلاق ، الآية : ٧