.................................................................................................
______________________________________________________
الآية المتقدمة عليها الواردة في حكم إنفاق الآباء على أزواجهم أيام الحمل ودفع الأجرة على الرضاع ـ على أنه يجب على الوالد دفع أجرة المثل إلى المرضعة ، ومن المعلوم أن هذا المدلول أجنبي بالمرة عن البراءة.
ويحتمل أيضا إرادة فعل المكلف من الموصول والإقدار من الإيتاء ، ومفاد الآية حينئذ نفي التكليف بغير المقدور كما استظهره أمين الإسلام في المجمع بقوله : «وفي هذا دلالة على أنه سبحانه لا يكلف أحدا ما لا يقدر عليه وما لا يطيقه» وجعل شيخنا الأعظم هذا الاحتمال أظهر وأشمل. ومع تسليم عدم أظهريته وعدم ظهورها في نفي التكليف بغير المقدور فمن المقطوع به أنها غير ظاهرة في الاحتمال الأول حتى تدل على البراءة.
ومنها : قوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» (١) بتقريب : أن إطاعة الحكم المجهول خارجة عن وسع المكلف في نظر عامة الناس.
وأنت خبير بأن ظاهر الآية نفي التكليف بغير المقدور ، ومن المعلوم أن هذا المضمون أجنبي عن البراءة ، إذ ليس الاحتياط بترك ما يحتمل التحريم من التكليف بغير المقدور ، إذ لو كان منه لم يقع النزاع بين الاخباري والأصولي في مسألة البراءة ، لأن عدم صحة التكليف بغير المقدور من الأمور المسلمة بينهم.
ومنها : قوله تعالى : «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» (٢) قال في الأوثق : «والمعنى : ليهلك من ضلّ بعد قيام الحجة عليه فتكون حياة الكافر وبقاؤه هلاكا له ، ويحيى من اهتدى بعد قيام الحجة عليه ، فيكون بقاء
__________________
(١) البقرة ، الآية : ٢٨٦ ،
(٢) الأنفال ، الآية : ٤٢