أظهرها (١) قوله تعالى : «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً» (١).
______________________________________________________
من بقي على الإيمان حياة له ، وقوله : عن بينة أي بعد بيان وإعلام ، وقضية تخصيص الضلال والاهتداء بما بعد البيان هو عدم الوجوب والحرمة قبله» وقريب منه كلام الفصول.
ولكن دلالتها على المقصود مبنيّة على كون الهلاك بمعنى العذاب الأخروي والبينة في هذا الآية بمعنى مطلق الطريق الكاشف عن الواقع ، ويظهر بمراجعة بعض التفاسير أن المراد بالبينة خصوص المعجزة الدالة على صدق نبوة نبينا بما ظهر من انتصاره على المشركين في غزوة بدر كما يشهد به صدر الآية الشريفة «إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى ، وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ ... إلخ» وأن المراد من التهلكة الموت أو القتل ومن الحياة الإسلام أو معناها الظاهر.
ومنها : قوله تعالى : «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ» (٢) بتقريب : أن اليهود والمشركين حيث حرّموا على أنفسهم طائفة من الأنعام كالبحيرة والسائبة والحام وغيرها ، فنزلت الآية لتلقين النبي صلىاللهعليهوآله طريق الرد عليهم ، وأنه مع عدم وجود هذه المذكورات في جملة المحرمات يكون تحريمها تشريعا وافتراء عليه سبحانه وتعالى ، فما لم يرد نهي عن شيء فهو مباح وحلال. هذا.
ولكنك خبير بأن عدم وجد انه صلىاللهعليهوآله دليل على الإباحة الواقعية ، وهذا أجنبي عما نحن فيه من إثبات الإباحة الظاهرية لما جهل حكمه الواقعي.
وهذا الإشكال بعينه وارد على الاستدلال بآية «وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم».
(١) وجه الأظهرية هو : أن همّ الأصولي تحصيل ما يؤمِّنه من العقاب على
__________________
(١) الإسراء ، الآية : ١٥.
(٢) الأنعام : الآية : ١٤٦.