.................................................................................................
______________________________________________________
مخالفة التكليف المجهول ، ومن تبعات ارتكاب الشبهات ، على ما تقتضيه الروايات الآمرة بالوقوف عند الشبهة التي استدل بها الأخباريون على وجوب الاحتياط في الشبهات ، ولا ريب في ظهور هذه الآية الشريفة في نفي العذاب قبل تبليغ الأحكام ، وهذا الظهور مفقود في سائر الآيات كما عرفت. بل قد ظهر مما تقدم في تلك الآيات : أن تعبير المصنف (قده) بقوله : «أظهرها» مسامحة إذ لا ظهور لها في البراءة حتى تكون هذه الآية أظهر منها ، ومن أراد الوقوف عليها تفصيلا فليراجع حواشي الرسائل للآشتياني والأوثق والمصنف.
وكيف كان فالاستدلال بالآية الشريفة يتوقف على بيان أمور :
الأول : أن المراد ببعث الرسول تبليغ الأحكام وإيصالها إلى العباد ، لأن الغرض من بعثه ذلك ، فصح جعل بعثه كناية عن بيان الأحكام بذكر الملزوم وإرادة لازمه ، نظير صحة جعل الأذان كناية عن دخول الوقت في قول القائل : «إذا أذّن المؤذن فصلّ» إذ لو لم يجعل بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام بأن كان المراد نفس الملزوم أعني بعث الرسول لم تكن الآية حجة على البراءة في الشبهات الحكمية ، لأن البعث حينئذ هو العلة للتعذيب ، وقد تحقق ، فلا بد فيها من الاحتياط حذرا عن التعذيب الّذي قد تحققت علته.
وبالجملة : فالاستدلال بالآية الشريفة يتوقف على كون المراد ببعث الرسول تبليغ الأحكام وبيانها للعباد ، لا مجرد بعثه بما هو بعث ، وعليه فلو بعث رسول ولكن لم يبين حكما من الأحكام فلا تعذيب على مخالفته أصلا كما لو فرض أنه لم يبعث رسول أصلا.
وما أفاده الشيخ (قده) في تقريب الاستدلال بالآية ناظر إلى هذا الأمر ، قال (قده) : «بناء أن بعث الرسول كناية عن بيان التكليف ، لأنه يكون به غالبا