.................................................................................................
______________________________________________________
إلى أن كل ما يصح الانتفاع به ولا ضرر فيه عاجلا أو آجلا على أحد فهو حسن ، إذ ليس الضرر إلّا مفسدة دينية أو دنيوية ، فلو كان فيه ضرر لوجب على القديم تعالى إعلامنا به ، وحيث لم يعلمنا به حسب الفرض علمنا أنه ليس فيه ضرر فهو حسن ، وحيث كان حسنا كان مباحا ، وهو المطلوب.
الثالث : أن الأصل فيها الوقف بمعنى أنه لا حكم للعقل فيها لا بالحظر ولا بالإباحة ، لبطلان ما استند إليه أصحاب القولين الأوّلين. ذهب إليه كثير من الناس واختاره الشيخان المفيد والطوسي (قدهما) وقد ذكر شيخ الطائفة في عدة الأصول وجه البطلان بقوله : «قد ثبت في العقول : أن الإقدام على ما لا يأمن المكلف كونه قبيحا مثل اقدامه على ما علم قبحه».
والغرض من التعرض لشيء يسير من هذا النزاع الإشارة إليه وتوجيه ذهن الطالب نحوه ، فمن أراد التفصيل فعليه بالمطولات سيما عدة الأصول ، فانه (قده) استوفى البحث فيه.
إذا عرفت هذا فاستدلال أصحابنا المحدثين بأصالة الحظر على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية منوط بالقول بالحظر في تلك المسألة ، فكل فعل محتمل الحرمة ـ بلا اضطرار إليه ـ محكوم بالحرمة عقلا ، ولو لم نقل به فلا أقل من الوقف ، فيكون الإقدام على المشتبه كالإقدام على ما علم حرمته فلا يجوز ارتكابه ، فشرب التتن المشكوك حكمه غير جائز بحكم العقل ، ومعه لا يتوجه الالتزام بإباحة ما لم ينهض دليل على حرمته.
لا يقال : ما دل على إباحة مشتبه الحكم ظاهرا مثل قوله عليهالسلام : «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه» دليل على إباحته ، ومعه لا مجال للتمسك بأصالة الحظر أو الوقف ، إذ حكم العقل به ـ على تقدير تسليمه ـ