غير الضرورية قبل (١) الشرع ، ولا أقل من الوقف وعدم (٢) استقلاله لا به ولا بالإباحة ، ولم يثبت (٣) شرعا إباحة ما اشتبه حرمته ،
______________________________________________________
انما هو مع قطع النّظر عن الشرع ، وأما مع ورود الترخيص الشرعي فلا مجال للأصل المذكور ، كما صرح به شيخ الطائفة القائل بالوقف ، حيث قال : «انه قد ورد من طريق السمع ما يدل على الإباحة مثل قوله تعالى : وأحل لكم الطيبات» وعليه فلا مجال للتمسك بأصالة الحظر في المقام.
فانه يقال : أدلة البراءة المتقدمة غير ناهضة لإثبات الإباحة الظاهرية ، لمعارضتها بما دلّ على وجوب التوقف والاحتياط ، ومع عدم سلامتها عن المعارضة كيف يستند إليها للقول بالإباحة والترخيص ، وينتهي الأمر إلى ما يستقل به العقل من الحظر في غير الأفعال الضرورية. هذا وقد قرر شيخنا الأعظم هذا الوجه العقلي بقوله : «الوجه الثاني : أن الأصل في الأفعال غير الضرورية الحظر كما نسب إلى طائفة من الإمامية ، فيعمل به حتى يثبت من الشرع الإباحة ...».
(١) ظرف لقوله : «استقلال العقل» يعني : فيثبت الحظر فيما بعد الشرع باستصحاب عدم تشريع الإباحة بناء على جريانه في العدم الأزلي ، ويمكن أن يراد بقوله : «قبل الشرع» القبلية في الرتبة ، فالمعنى : أن العقل ـ مع الغض عن الشرع ـ يستقل بالحظر فهو الحاكم به متى ما شك في تشريع الإباحة.
(٢) عطف تفسيري للوقف ، وضمير «به» راجع إلى الحظر ، وقد عرفت أن الوقف مختار الشيخين المفيد والطوسي قدسسرهما.
(٣) إشارة إلى أن هذا الدليل العقلي مؤلف من مقدمتين : إحداهما : ما أشار إليه بقوله : «من استقلال العقل بالحظر» وقد تقدمت. ثانيتهما : ما أشار إليه هنا بقوله : «ولم يثبت شرعا ... إلخ» ويكون وجه عدم ثبوت الإباحة شرعا