.................................................................................................
______________________________________________________
عقلا ، ولا يندفع إلّا بالاجتناب عنه ، ولا يتحقق الاجتناب عنه إلّا بترك الفعل المحتمل الحرمة ، فيجب تركه.
والقياس الأول مؤلف من صغرى وجدانية وكبرى برهانية ، فتكون النتيجة قطعية لا محالة ، وليس القياس الثاني كذلك ، فان صغراه ـ وهي احتمال العقاب على فعل محتمل الحرمة ـ ليست وجدانية ، بل تتوقف على أحد أمور كوجود البيان ولو في مرحلة الظاهر ، أو تقصير المكلف في الفحص عنه ، أو عدم كون العقاب بلا بيان قبيحا أو غير ذلك ، والمفروض المسلّم عدم تحقق شيء من هذه الأمور ، فينتفي احتمال العقاب ، فلا يتم القياس حتى ينتج المطلوب وهو وجوب الاحتياط ، وهذا بخلاف القياس الأول ، فان صغراه ـ كما تقدم ـ كانت فعلية وجدانية ، وكبراه برهانية عقلية ، فلذا كان تاما منتجا للمطلوب وهو جريان البراءة.
وبهذا البيان ظهر ورود قاعدة القبح على قاعدة الدفع ، إذ مع القطع بعدم العقاب ـ كما هو مقتضى القياس الأول ـ لا يبقى مجال لقاعدة الدفع ، ضرورة ارتفاع موضوع صغراه بسبب القطع بعدم العقاب كما هو واضح.
وبما ذكرنا من ارتفاع موضوع قاعدة الدفع تكوينا بسبب القطع بعدم العقاب ظهر أن المراد بقول المصنف (قده) : «فلا يكون مجال هاهنا ... إلخ» هو خروج الشبهة البدوية بعد الفحص عن كبرى قاعدة الدفع حقيقة وتخصصا لا تعبدا ، فخروجها عن القاعدة نظير خروج زيد الجاهل عن عموم «أكرم العلماء» تكويني لا تعبدي كخروج زيد العالم عنه تخصيصا ، وليس المراد بعدم المجال ورود قاعدة القبح على قاعدة الدفع بمعناه المصطلح وهو انتفاء موضوع الدليل المورود حقيقة بسبب ورود الدليل الوارد بعناية التعبد ، كارتفاع «اللابيان»