التكليف لعدم (١) التمكن من الموافقة القطعية كمخالفتها (٢) ، والموافقة الاحتمالية (٣) حاصلة
______________________________________________________
(١) خبر «وانما يكون».
(٢) الظاهر رجوع الضمير إلى «القطعية» لكنه فاسد لفظا ومعنى. أما لفظا فلان «القطعية» صفة للمخالفة ، ولازم العبارة حينئذ إضافة الموصوف إلى ضمير صفته ، وهو فاسد ، فلا تقول مثلا : «أسهرني المرض الشديد وألمه» بإرجاع الضمير إلى الشديد ، بل تقول : «والألم الشديد» أو «المرض والألم الشديدان». وأما معنى فلان المقصود أن المانع عن تنجز التكليف هو عدم التمكن من الموافقة القطعية كعدم القدرة على المخالفة القطعية ، وعبارة المتن لو تركت بحالها تكون هكذا : «كالمخالفة القطعية» وهذا فاسد أيضا ، فالصواب سوق العبارة هكذا : «كالمخالفة القطعية» أو : «لعدم التمكن من القطع بالموافقة والمخالفة» والأمر سهل بعد وضوح المطلب.
(٣) يعني : أن كلّا من الموافقة والمخالفة الاحتماليتين حاصل قطعا سواء
__________________
فيكفي كون العلم بالجامع مصححا للمؤاخذة ، والعذر عن الموافقة القطعية حينئذ هو العجز عنها لا قاعدة القبح ، فلا تجري القاعدة حينئذ ، لوصول الإلزام إلى المكلف. وهذا بخلاف البراءة الشرعية ، حيث ان المرفوع هو الخصوصية المشكوكة ، إذ ما يكون أمر وضعه ورفعه بيد الشارع هو النوع الخاصّ لا الجنس فتجري أدلة البراءة الشرعية دون العقلية» لا يخلو من الغموض ، لما عرفت آنفا من أن العجز عن الموافقة القطعية انما نشأ من قصور الخطاب عن التحريك ، إذ لو كان أحد النوعين من الوجوب والحرمة معلوما تفصيلا كان امتثاله القطعي ممكنا قطعا. وعليه فمقتضى ما ذكرنا عدم الفرق في جريان البراءة بين الشرعية والعقلية فيما دار أمره بين المحذورين ، فافهم.