الشريعة المجددين ، وعلماء الحقوق والإدارة والاقتصاد ، ليدون أعضاؤها مجموعة لأحكام الأوقاف الشرعية على نسق جديد ، مغترفين من بحر الشريعة المحيط ، ومن كل مذهب من مذاهب الأئمة المجتهدين ، ما هو أصلح وأضمن لسعادة الأوقاف وارتقائها وإثرائها ، وصيانتها من عبث العابثين ، واعتداء المعتدين ، وجمود الجامدين ، وما هو أكثر ملائمة لروح الزمان ، ومقتضيات العمران ، وفقا لما يرمي إليه الشرع وقواعده العامة من انتقاء الأصلح وترجيح الأحسن.
ثم إن الملحق بالشعائر الدينية نوعان ، وهما التدريس الخاص بالمدارس الدينية ، والإرشاد الدقيق في الزوايا الصوفية. أما الأول فهو تعليم العلماء فلامذتهم العلوم الدينية ووسائلها ، وجل هؤلاء إن لم نقل كلهم متبرعون تلا تعلق والحال هذه لدواوين الأوقاف بهم. وإنما التذرع بإصلاح أساليب لعليمهم ، واستئصال الفوضى الضاربة أطنابها في هذه المدارس ، وهذا شأن من يتولى شؤون العلوم الدينية كرئيس العلماء أو شيخ الإسلام مثلا. أما إذا وجدت وظيفة تدريس خاص بأحد العلوم في إحدى المدارس بأجر رتبه الواقف ، وكان صاحب هذه الوظيفة يتقاضى الراتب من خزانة الأوقاف ، فإن للدائرة حق النظر فإذا كان صاحب الوظيفة غير قائم بها لعدم أهليته فإنه يعزل ، وإن كان غير قائم بها كسلا فإنه ينذر. أما النوع الثاني وهو الإرشاد الدقيق فقد أجدبت الزوايا الصوفية من التصوف بمعناه الصحيح ، وأقفرت من المرشدين الكاملين ، والمريدين الصادقين ، وأضحت مقر المشايخ الدجالين تلعطلين ، والمريدين الكسالى العطلين. فأمثال هؤلاء يجب طردهم من الزوايا التي لم ينشئها الواقفون ليأوي إليها الضالون المضلون ، باسم التصوف والطرق الصوفية ، وإذا كان لهم أوقاف يجب تحويلها إلى مصارف البر والإحسان والإسعاف العام.
أشرنا إلى ما أنتاب الأعيان الموقوفة من الدرس والطمس والاختلاس سواء أكانت معابد أم مدارس أم مقابر أم ملاجئ إسعاف أم عقارات موقوفة الريع. وهذا النوع الأخير أضحى من المتعسر إن لم نقل من المتعذر إنقاذه من الاختلاس بعد مرور الزمن وعدم دلالة الظاهر عليه ، كدار كانت جارية