كالفيروز والنحاس والمغنيزيا فحفروا أول قناة بين النيل وبين البحر الأحمر.
ولما كان النيل يصب في البحر المتوسط أصبح من الممكن إذ ذاك مرور المراكب بين هذين البحرين. ولا تعرف اليوم تلك القناة الصناعية ولا ذلك الفرع الذي حفرته يد الإنسان، ولا شك أنه كان ثمة فرع طبيعي لنهر النيل العظيم جف ماؤه منذ العصور الجيولوجية أي قبل ظهور الإنسان. ويؤكد بعض المؤرخين أن هذا الفرع كان في زمن رمسيس الثاني والناظر إلى خريطة مصر يتمثل لعينيه هذا الوادي القديم وادي تومات ، وفيه قسم من الأراضي الخصيبة المنبتة يقطعه الخط الحديدي بين الزقازيق والإسماعيلية وهذا الوادي هو الفرع القديم الجاف لنهر النيل وهو موضع القناة القديمة. فمجرى هذه القناة يتقارب جدا من القناة الحالية التي تجري فيها المياه العذبة لإرواء الأرضين الواقعة بالقرب من ترعة السويس. ويظهر أن سلسلة البحيرات المتقطعة الواقعة على طريق هذه الترعة كانت متصلة قديما بخليج السويس الطويل ويجري إليه فرع النيل الشرقي القديم المبحوث عنه.
ويظهر من درس الأراضي والارتفاعات والمستحاثات أن أحجار البسوط قد ارتفعت قليلا ولا ريب أن المواصلات كانت على أتمها زمن الامبراطورية الوسطى وفي عهد الامبراطورية الجديدة. فكانت القناة الأولى تصل نهر النيل ببحيرة التمساح ، وذلك في عهد الأسرة الثانية عشرة إلى التاسعة عشرة أي منذ ألفين إلى ألف ومائتي سنة قبل الميلاد. وأن قناة ثانية من عهد الفراعنة أيضا وفي زمنهم الأخير المعاصر للفتوحات الفارسية أي منذ خمسمائة وخمس وعشرين سنة قبل الميلاد ، كانت تصل نهر النيل ببحيرة المرة الكبيرة بواسطة وادي تومات وهذه هي القناة التي قام بحفرها وإصلاحها بسامتيك ونيخاووس من السلالة السادسة والعشرين وذلك بين سنة (٦١٠ و ٥٩٤) قبل الميلاد. وكان مشروعه يقضي بتجديد الفرع القديم لنهر النيل المنفصل عنه في منطقة بوباشيس والمار في وادي تومات. إن هذا العمل الذي ذهب بحياة مائة وعشرين ألف عامل كما ذكر ذلك المؤرخ الشهير هيرودوتس خلال رحلته إلى مصر (أي بعد سنة أربعمائة وتسع وأربعين ق م) لم ينجح وترك قبل إتمامه ، لأنه أوحي إلى الملك نيكو على ما يقال بأن عمله خدمة للبرابرة