ويظهر أن كل من حاولوا ربط البحرين هم إفرنسيون أو أصدقاء لفرنسا ، اتفقوا على هذا الأمر للفت في عضد إنكلترا التي كانت تحصر طريق رأس الرجاء الصالح. ولما جاء نابليون مصر نظر في الأعمال الأولى لفتح الترعة سنة (١٧٩٨). وقام مهندسه لوپير بدرس المشروع وعمل المصورات اللازمة عملا بإشارة سيده غير أنه أخطأ في حسابه خطأ عظيما إذ وجد أن مستوى الماء في البحر الأحمر أعلى من مستواه في البحر الأبيض بنحو تسعة أمتار وتسعين سانتيما ، في حين ليس من فرق بين مستوى البحرين وبذلك كان لوپير السبب في تأخير هذا العمل مدة طويلة.
بقيت المواصلات مقطوعة بالفعل بين السويس والبحر المتوسط مدة ألف ومائة سنة أي منذ سنة (٧٥٥) إلى سنة (١٨٥٤) ميلادية أو من عهد المنصور إلى الزمن الذي قام به بحفر الترعة الحالية فرديناند دليسبس الذي برهن على عكس ما ادعاه مهندس نابوليون. وقد قام المهندسون لينان بك واستيفانسون ونيكريللي وبوردالو بمساحات دقيقة بين سنة (١٨٤٨ و ١٨٥٧) وأثبتوا بصورة نهائية خطأ المهندس لوپير.
أقنع دليسبس الخديوي سعيد باشا بفائدة الترعة وأحرز في سبعة أيام موافقته على ذلك. وصدر المنشور الخديوي بفتح الترعة يوم ٣٠ تشرين الثاني سنة (١٨٥٤). فعارضت بريطانيا في فتح الترعة مدعية أنها تريد المحافظة على كيان الدولة العثمانية من الأخطار التي ستحدثها هذه الترعة المشؤومة. ولم يرجع دليسبس عن مشروعه فأسس شركة وعرض في ٥ تشرين الثاني سنة (١٨٥٨) أسهمها للبيع. وكان عدد هذه الأسهم (٠٠٠ ، ٤٠٠) سهم بيع منها (٠٠٠ ، ٢٠٧) سهم في فرنسا واشترك في شراء هذه الأسهم جميع الطبقات. أما ما بيع في البلدان الأخرى فلم يتجاوز الثلاثة بالمائة. واكتتب الخديوي سعيد باشا لنفسه بما بقي من الأسهم أي بنحو خمسة وأربعين بالمائة من مجموعها ووضع تحت إدارة القائمين بالأعمال خمسة وعشرين ألف عامل بأجرة زهيدة جدا. وأسست هيأة إدارية للقيام بهذا المشروع وجرى الاحتفال بالموضع الذي أنشئت فيه بور سعيد في ٢٥ نيسان سنة (١٨٥٩) وذلك قبل أن تتم موافقة الباب العالي وقبل أن تضع المعارضة البريطانية سلاحها. ومع هذا كانت