وفي سنة (١٨٨٠) صحت عزيمة وزير الأشغال العامة في الأستانة على تمديد هذا الخط إلى الأراضي المقدسة. ولكن أكثر المهندسين والجغرافيين كانوا يقولون بتعذر تنفيذ هذا المشروع. لأن الأصقاع التي يجتازها الخط ينزلها قبائل من البدو الرحالة الذين اعتادوا السلب والنهب. وسهولة المواصلات بالوسائط البحرية ورخصها أكثر من البر. وقالوا إن الربح الذي يحصل من نقل الحجاج أثناء الموسم لا يكفي للقيام بجميع النفقات السنوية لهذا الخط العظيم. ولكن كانت هذه الصعوبة في نظر السلطان عبد الحميد أخف مما يتصور. فإدارة الحج ونفقات السفر كانت تستنزف من موازنة الحكومة مبلغ ١٥٠ ألف ليرة عثمانية على الأقل. والهدايا التي ترسل إلى البدو تقوّم ب ٦٠ ألف ليرة عثمانية. وكان السلطان عبد الحميد يأمل من جهة أخرى وصول مبالغ عظيمة من الأمم الإسلامية إعانة لهذا المشروع الإسلامي ولم تبدأ الحكومة بالعمل إلا بعد أن أعلنت عزمها على ذلك في جميع الأقطار الإسلامية مما هو داخل تحت سيطرتها أو خارج عنها. وأبانوا ما ينتج عن ذلك من التسهيل لرواد الحج واستمطرت أكف المسلمين تعضيدا لهذا المشروع الديني المحض. فتحقق أمل السلطان وبدأت الاكتتابات ترد من البلدان الإسلامية وقد افتتح هو نفسه هذه الاكتتابات ب ٣٢٠ ألف ليرة عثمانية ، وتابعه في ذلك الملوك والأمراء المسلمون. فشاه العجم أرسل ٥٠ ألف ليرة عثمانية وخديوي مصر تعهد بإرسال كمية عظيمة من مواد البناء والإنشاء. وألفت الجمعيات في الممالك الإسلامية الخارجة عن حدود الدولة العثمانية لجمع الأموال ، فألف الهنود ١٦٦ جمعية وأهالي لكنو وحدهم أرسلوا ٣٢ ألف ليرة عثمانية وكذلك أهالي رانكون ومدراس أرسلوا ٧٣ ألف ليرة ، وأرسل الميرزا علي أحد أغنياء كلكوتا خمسة آلاف ليرة وأرسل مدير جريدة الوطن في لاهور ٥٠٠٠ ليرة وذلك من الاكتتاب الذي فتحه في جريدته واشترك فيه الهنود والترانسفاليون والصينيون. ولم تنقطع الإعانات مدة إنشاء الخط مما دل على سريان روح التضامن في الشعوب الإسلامية.
والأغرب من هذا أن أحد النمسويين دفع ٢١٠٠ ليرة عثمانية ليحصل على لقب (باشا). وقد جعلت شارات وأوسمة لمن يدفع الإعانات. فالدرجة