أصوات عجم إذا قاموا بقربتهم |
|
كما تصوّت في الصبح الخطاطيف |
فاليوم فيه صلاة الحق ظاهرة |
|
وصادق من كتاب الله معروف |
فيه الزبرجد والياقوت مؤتلق |
|
والكلس والذهب العقيان مرصوف |
ترى تهاويلهم من نحو قبلتنا |
|
يلوح فيه من الألوان تفويف |
يكاد يعشي بصير القوم زبرجه |
|
حتى كأن سواد العين مطروف |
وفضة تعجب الرائين بهجتها |
|
كريمها فوق أعلاهن معطوف |
وقبة لا تكاد الطير تبلغها |
|
أعلى محاريبها بالساج مسقوف |
لها مصابيح فيها الزيت من ذهب |
|
يضيء من نورها (لبنان) و (السيف) |
فكل إقباله ـ والله زينه ـ |
|
مبطن برخام (الشام) محفوف |
في سرة الأرض مشدود جوانبه |
|
وقد أحاط بها الأنهار والريف |
فيه المثاني وآيات مفصلة |
|
فيهن من ربنا وعد وتخويف |
ومن أجمل ما وصف به جامع دمشق قول ابن منقذ الكناني من قصيدة :
وكأن جامعها البديع بناؤه |
|
ملك يمير من المساجد جحفلا |
ذو قبة رفعت فضاهت قلة |
|
ومنابر بنيت فحاكت معقلا |
تبدو الأهلة في أعاليها كما |
|
يبدو الهلال تعاليا وتهللا |
ويريك سقفا بالرصاص مدثرا |
|
يعلو جدارا بالرخام مزملا |
قد ألّف الأقوام بين شكوله |
|
فغدا الرخام بذاته متشكلا |
لم يرض تجليلا بجص فانبرى |
|
بالفص يعلو والنضار مجللا |
يغشى سوام اللحظ في أرجائه |
|
من عسجد أرضا ومن فص خلا |
فإذا تذر الشمس منه تخاله |
|
يلقا تألق أو حريقا مشعلا |
فكأنما محرابه من سندس |
|
أو لؤلؤ وزمرد قد فصلا |
وتخال طاقات الزجاج إذا بدت |
|
منه للحظك عبقريا مسدلا |
تبدو القباب بصحنه لك مثلما |
|
تبدو العرائس بالحليّ لتجتلى |
وعلت به فوّارة من فضة |
|
سالت فظنوها معينا سلسلا |
وببابه حركات ساعات إذا |
|
فتحت لها باب تراجع مقفلا |
ويريك باريها وكل قد رمى |
|
من فيه يقذفه يصيب سجنجلا |
وظل الجامع بحاله بهجة النظار والسفار ، ومفخر دمشق على غابر الأعصار ،