ومحرابه مذهب. الجملة مرصعا بالجواهر ودور السقف كله ذهبا مكتوبا عليه كما يطوف بترابيع جدار المسجد ، وإذا أرادوا غسل سقفه بثق الماء إليه فدار على رقعة المسجد بأجمعه حتى إذا فجر منه انبسط عنه وعن جميع الأركان بالسوية. وأبوابه الأربعة كانت أبواب الكنيسة فبقيت على حالها وفيه ثلاث مقاصير : مقصورة معاوية أحدثها سنة ٤٤ لما وثب عليه بعضهم ليقتله. كان في جدار الصحن القبلي من الجامع حجر مدور على ما روى القزويني شبه درقة منقطة بأبيض وأحمر بذل الفرنج أموالا فلم يجابوا إليه. وقد كان عزم عمر بن عبد العزيز أن يعمد إلى ما في الجامع من الفسيفساء وهو النقش المفصص والرخام فيقلعه وينتزع السلاسل الذهبية ، وكانت ستمائة سلسلة ويجعل مكانها حبالا وينزع غيرها من ضروب الزينة ويبيعها ويجعلها في بيت المال فأرجعه أهل دمشق عن فكره. وذكروا له ما قام به أهل الشام من بنائه على هذه الصورة.
ووصف ابن جبير قبة الرصاص في الجامع الأموي فقال : إنها من أعظم ما شاهده من مناظر الدنيا الغريبة وهياكلها الهائلة البنيان قال : إنها مستديرة كالكرة وظاهرها من خشب قد شد بأضلاع من الخشب الضخام مؤلفة بنطق من الحديد ينعطف كل ضلع عليها كالدائرة ، وتجتمع الأضلاع كلها في مركز دائرة من الخشب أعلاها ، وداخل هذه القبة وهو مما يلي الجامع المكرم خواتيم من الخشب منتظم بعضها ببعض قد اتصل اتصالا عجيبا ، وهي كلها مذهبة بأبدع صنعة من التذهيب مزخرفة التلوين ، بديعة القرنصة ، وفي الجدار حجارة يزن كل واحد منها قناطير مقنطرة ، لا تنقلها الفيلة فضلا عن غيرها ، فالعجب كل العجب من تطليعها إلى ذلك الموضع المفرط السمو ، وكيف تمكنت القدرة البشرية لذلك ، فسبحان من ألهم عباده إلى هذه الصنائع العجيبة اه.
ولنابغة بني شيبان من قصيدة يصف فيها بدائع هذا الجامع في القرن الأول وهي في مدح الوليد بانيه :
قلعت بيعتهم عن جوف مسجدنا |
|
فصخرها عن جديد الأرض منسوف |
كانت إذا قام أهل الدين فابتهلوا |
|
باتت تجاوبنا فيها الأساقيف |