عبد الملك في دمشق فقال : إنها دار قوراء مفروشة بالرخام ، وهو في مجلس مفروش بالرخام، وبين كل رخامتين قضيب من ذهب ، وحيطانه كذلك ، وهشام جالس على طنفسة حمراء ، وعليه ثياب حمر من الخز ، وقد تضمخ بالمسك والعنبر ، وبين يديه مسك مفتوت في أواني ذهب ، يقلبه بين يديه فتفوح رائحته ، وفي المجلس جاريتان لم ير مثلهما قط اه. والله أعلم أكان ذلك حقيقة أم خيالا.
وقد ادعت ميس بل أنه لو لا حوادث القرن السابع أي لو لا دخول العرب الفاتحين لبلغ الشاميون طريقة في هندسة الأبنية خاصة بهم مستقلة عن غيرهم ، وإن امتزج بها شيء من هندسة الأمم الأخرى ، فردّ عليها لامنس بأن هذه المدينة مدينة دمشق لم تمس عاصمة كبرى إلا في عهد بني أمية وبهمتهم. قلنا : ولو لم يعفّ بنو العباس آثار بني أمية في الشام لرأينا فيه أحسن صورة تامة من صور بنائهم. وكان منه ما هو في المدن ومنه ما هو في البادية أو ما يقرب منها. لأن الأمويين كانوا على الأغلب يتحامون نزول دمشق لرطوبتها وحمياتها ، فمنهم من نزل قصر الموقر أو المقور وقصر المشتّى والزيزاء والفدين والأزرق والأغدف والبخراء والأبيض والقسطل والرصافة والزيتونة والجابية وحوّارين والصّنّبرة ودابق وبطنان حبيب وأياير في البلقاء وشمالي الشام وشرقها. وحصن الموقر بالبلقاء على ساعتين من عمان قرب قصر المشتى الواقع على ساعتين من مادبا سكنه يزيد بن عبد الملك وكان رممه فجعله من القصور الجميلة. واستقر الوليد بن يزيد والعباس بن الوليد في القسطل في البلقاء. والوليد في الزيزاء وقصر الأزرق. وابتنى عبد الملك الأبنية حول قصر الموقر وكان له في البرية عدة قصور. وقصر عمرا على قصر المشتى على سبعين كيلو مترا من جهة الشرق وهو في وسط البادية. اكتشف قصر عمرا الأثري موسيل سنة ١٨٩٨ وهو قصر أموي يجمع بين مزايا الصروح الملكية والحصون ، وهو على الشاطئ الشمالي من البحر الميت وكان على ما يظهر حماما حفظت فيه كما قال هرزفلد نقوش عجيبة بحالها لم يحفظ مثلها في صقع آخر من أصقاع الشام ، تمثل مشاهد الحمامات وألعابا رياضية كالجريد وصيودا لأنواع الطيور وقنصا في البحر ولوحات تمثل الصناعات وصورا