أيديهم من حقوق الناس ورده على أهله وكلموه فقال : إنكم أعطيتم في هذه الدنيا حظا فلا تنسوا حظكم من الله ، وإني لأحسب شطر أموال بني الدنيا وأمة محمد في أيديكم ظلما ، والله لا تركت في يد أحد منكم حقا لمسلم ولا معاهد إلا رددته. وقال لبني مروان : أدوا ما في أيديكم من ـ حقوق الناس ولا تلجئوني إلى ما أكره فأحملكم على ما تكرهون فلم يجبه أحد منهم. فقال : أجيبوني فقال رجل منهم : والله لا نخرج من أموالنا التي صارت إلينا من آبائنا فنفقر أبناءنا ، ونكفر آباءنا ، حتى نزايل رؤوسنا فقال عمر : أما والله لو لا أن تستعينوا عليّ بمن اطلب الحق لهم لأضرعت خدودكم عاجلا ، ولكنني أخاف الفتنة ، ولئن أبقاني الله لأردن إلى كل ذي حق حقه إن شاء الله. وكان عمر إذا نظر إلى بعض بني أمية فيما روي قال : إني أرى رقابا سترد إلى أربابها.
وضع عمر بن عبد العزيز المكس عن كل أرض ، ووضع الجزية عن كل مسلم ، وأباح الأحماء كلها إلا النقيع. وفرض للناس إلا للتاجر لأن التاجر مشغول بتجارته عما يصلح المسلمين وسوّى بين الناس في طعام الجار. وكان أكثر ما يكون طعام الجار أربعة أرادب ونصف لكل إنسان. وكتب إلى أحد عماله أن استبرئ الدواوين فانظر إلى كل جور جاره من قبلي من حق مسلم أو معاهد فردها عليه ، فإن كان أهل تلك المظلمة قد ماتوا فادفعه إلى ورثتهم. وما زال يرد المظالم من لدن معاوية إلى أن استخلف وقد أخرج من أيدي ورثة معاوية ويزيد بن معاوية حقوقا.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة ومن قبله من المسلمين والمؤمنين : أما بعد فانظر أهل الذمة فارفق بهم وإذا كبر الرجل منهم وليس له مال فأنفق عليه فإن كان له حميم فمر حميمه ينفق عليه ، وقاصه من خراجه كما لو كان لك عبد فكبرت سنه لم يكن لك بدّ من أن تنفق عليه حتى يموت أو يعتق. وكتب إليه : ضع عن الناس المائدة والنوبة والمكس ، ولعمري ما هو المكس ولكنه البخس الذي قال فيه الله (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ*). فمن أدى زكاة ماله فاقبل منه ومن لم يؤد فالله حسيبه. وحرم عمر بن عبد العزيز الكلأ في كل أرض.