دولة الأمويين بالشام ، فأخذ جباة الجزية يعذبون بعض أهل الذمة ، ويجعلونهم في الشمس ساعات عقوبة لهم ، فنهى عن ذلك الفقهاء وبطل تعذيب المكلفين من ذاك اليوم. ونص الفقهاء أنه لا يؤخذ شيء من نصراني اتجر في بلاده من أعلاها إلى أسفلها ولم يخرج منها ، وإذا خرج من بلاده إلى غيرها من بلاد المسلمين تاجرا لم يؤخذ منه مما حمل قليل ولا كثير حتى يبيع. وقال مالك في النصراني يكري إبله من الشام إلى المدينة : أيؤخذ منه في كرائهم العشر بالمدينة قال : لا. فإن أكرى من المدينة إلى الشام راجعا يؤخذ منه. ويؤخذ من أهل الحرب ما صالحوا عليه في سلعهم ويؤخذ من عبيدهم كما يؤخذ من ساداتهم. ذكروا أن عمر بن الخطاب قال لأهل الذمة الذين كانوا يتحرون إلى المدينة : إن اتجرتم في بلادكم فليس عليكم في أموالكم زكاة وليس عليكم إلا جزيتكم التي فرضنا عليكم ، وإن خرجتم وضربتم في البلاد وأدررتم أموالكم أخذنا منكم وفرضنا عليكم كما فرضنا جزيتكم ، فكان يأخذ منهم من كل عشرين نصف العشر كلما قدموا من مرة ولا يكتب لهم براءة مما أخذ منهم كما تكتب للمسلمين إلى الحول فيأخذ منهم كلما جاءوا ، وإن جاءوا في السنة مائة مرة ولا يكتب لهم براءة بما أخذ منهم.
وفعل معاوية بالشام والجزيرة واليمن مثل ما فعل بالعراق من استصفاء ما كان للملوك من الضياع وتصييرها لنفسه خالصة وأقطعها أهل بيته وخاصته وهو أول من كانت له الصوافي في جميع البلاد. قال البلاذري : وكانت وظيفة الأردن التي أقطعها معاوية مائة ألف وثمانين ألف دينار ، ووظيفة فلسطين ثلاثمائة ألف وخمسين ألف دينار ، ووظيفة دمشق أربعمائة ألف دينار ، ووظيفة حمص مع قنسرين والكور التي كانت تدعى بالعواصم ثمانمائة ألف دينار ويقال سبعمائة ألف دينار. وكان ارتفاع الشام سنة (٢٠٤ ه) وهي أول سنة وجد حسابها بالدواوين بالحضرة ثلاثمائة ألف وستين ألف دينار ، وارتفاع قنسرين والعواصم وارتفاع جند حمص مائتي ألف وثمانية عشر ألف دينار وارتفاع جند دمشق مائة ألف وعشرة آلاف دينار ، وارتفاع جند الأردن مائة ألف وتسعة آلاف دينار ، وارتفاع جند فلسطين مائتي ألف وتسعة وخمسين ألف دينار.