قال : هو والله كما ذكرت ، ولو وليهم تحملهم على منهج الطريق ، فأخذ المحجة الواضحة ، إلا أنّ فيه خصالاً : الدعابة في المجلس ، واستبداد الرأي ، والتبكيت للناس ، مع حداثة السن!
قال : قلت : يا أمير المؤمنين! هلا استحدثتم سنّه يوم الخندق إذ خرج عمرو ابن عبد ود ، وقد كعم عنه الأبطال ، وتأخرت عنه الأشياخ ، ويوم بدر إذ كان يقطّ الأقران قطّاً ، ولا سبقتموه بالإسلام ، إذ كان جعلته السعب (١) وقريش يستوفيكم؟
فقال : إليك يا ابن عباس! أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعليّ بأبي بكر يوم دخلا عليه؟!
قال : فكرهت أن أغضبه فسكتّ.
فقال : والله يا ابن عباس إنّ علياً ابن عمك لأحقّ الناس بها ، ولكنّ قريشاً لا تحتمله ، ولئن وليهم ليأخذنّهم بمرّ الحق لا يجدون عنده رخصة ، ولئن فعل لينكثنّ بيعته ، ثمّ ليتحاربنّ (٢).
وروى ابن أبي الحديد عن ابن عباس ، قال : مرّ عمر بعليّ وأنا معه بفناء داره ، فسلّم عليه ، فقال له علي : أين تريد؟
قال : البقيع.
قال : أفلا تصل صاحبك ويقوم معك؟
قال : بلى.
فقال لي عليّ : قم معه.
فقمت فمشيت إلى جانبه ، فشبك أصابعه في أصابعي ، ومشينا قليلاً ، حتى إذا
__________________
(١) هكذا دون نقط في الأصل ، كذا في هامش الكتاب.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٨ ؛ مواقف الشيعة ٢ / ٣٢٨ ؛ من حياة الخليفة عمر بن الخطاب ، عبد الرحمن أحمد البكري / ٣٠٣ ؛ انظر : شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٢٦.