الصعاب ، فهيّأت له أربعين مسألة ، ثم أتيت أبا جعفر وجعفر جالس عن يمينه ، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لا يدخلني (١) لأبي جعفر ، فسلّمت وأذن لي فجلست ، ثم التفت إلى جعفر فقال : يا أبا عبدالله ، تعرف هذا؟ قال : نعم ، هذا أبو حنيفة ، ثم اتبعها : قد أتانا ، ثمّ قال : يا أبا حنيفة ، هات من مسائلك نسأل أبا عبدالله ، فابتدأت أسأله ، فكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا ، فربما تابعنا ، وربما تابع أهل المدينة ، وربما خالفنا جميعاً ، حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة ، ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (٢).
وروي عنه أنّه قال : «لولا السَنَتانِ لهلك النعمان» (٣).
وقال سفيان الثوري (م ١٦١) في حقّه : «الله أعلم حيث يجعل رسالته» (٤).
وقال مالك بن أنس (م ١٧٩) : «ما رأت عين ، ولا سمعت أذن ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علماً وعبادةً وورعاً» (٥).
وقال : «اختلفتُ إليه زماناً فما كنتُ أراه إلّاعلى ثلاث خصال : إمّا مصلٍّ ، وإمّا صائم ، وإمّا يقرأ القرآن ، وما رأيته يحدّث إلّاعلى طهارة» (٦).
__________________
(١) ما لم يدخلني. كذا في الكامل لابن عدي ٢ / ١٣٢ ، ونحوه في تهذيب الكمال ٥ / ٧٩ بتفاوت يسير.
(٢) سير اعلام النبلاء ٦ / ٢٥٧.
(٣). مختصر التحفة الإثني عشرية ، الآلوسي / ٨ ؛ الإمام جعفر الصادق ، عبد الحليم الجندي / ٢٥٢ ؛ نظرات في الكتب الخالدة ، حامد حفني داود / ١٨٢ ؛ المراجعات / ١٥٠ ؛ الموسوعة الفقهية الميسّرة ، محمد علي الأنصاري ١ / ٣٣ ؛ العارف بالله سيّدي الإمام جعفر الصادق / ١٩. وقال الجاحظ : ويقال : إنّ أبا حنيفة من تلامذته .. انظر : رسائل الجاحظ ، السندوبي / ١٠٦.
(٤) غاية الاختصار / ١٠٢.
(٥). تهذيب التهذيب ٢ / ٨٩ رقم ١٥٦ ؛ المناقب (ط النجف) ٣ : ٣٧٣.
(٦). تهذيب التهذيب ٢ / ٨٩ رقم ١٥٦.