وقال كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي (م ٦٥٢) : «هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهمالسلام ، ذو علوم جمّة ، وعبادة موفورة ، وأوراد متواصلة ، وزهادة بيّنة ، وتلاوة كثيرة ، يتتبّع معاني القرآن الكريم ، ويستخرج من بحره جواهره ، ويستنتج عجائبه ، ويقسّم أوقاته على أنواع الطاعات ، بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تذكّر بالآخرة ، واستماع كلامه يزهّد في الدنيا ، والاقتداء بهداه يورث الجنّة ، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوّة ، وطهارة أفعاله تصدع أنّه من ذرّية الرسالة ، نقل عنه الحديث ، واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمّة وأعلامهم ، مثل يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريح ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وأبي حنيفة ، وشعبة ، وأيّوب السجستاني ، وغيرهم رضياللهعنهم ، وعدّوا أخذهم عنه منقبةً شُرِّفوا بها ، وفضيلةً اكتسبوها. وأمّا مناقبه وصفاته فتكاد تفوت عدد الحاصر ، ويحار في أنواعها فهمُ اليقظ الباصر ، حتّى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها تُضاف إليه ، وتروى عنه ، وقد قيل : إنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه عليهالسلام ، وإنّ في هذه لمنقبة سنيّة ، ودرجة في مقام الفضائل عليه ، وهذه نبذة يسيرة ممّا نقل عنه» (١).
وقال ابن خلّكان (م ٦٨١) : «أبو عبد الله جعفر الصادق ، ابن محمّد الباقر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ، أحد الأئمّة الاثني عشر على مذهب الإماميّة ، كان من سادات أهل البيت ، ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وله كلام في صناعة الكلام والزجر والفأل ،
__________________
(١) مطالب السؤول ٢ / ١١٠ ؛ كشف الغمّة ٢ / ٣٦٧.