وعن أبي يعلى وابن مردويه أنه قرأ : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً)(١) من تاب فإنّ الله كان غفورا رحيما ، فذكر لعمر ، فأتاه فسأله عنها ، فقال : أخذتها من في رسول الله ، وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع (٢).
ثمّ هل المراد من البقيع في هذه الأخبار هو بقيع الخيل ، أو بقيع الغرقد؟ هناك احتمالان :
أما الأول ، فلمناسبة الحكم والموضوع ، ومال إليه فهيم محمود شلتوت (٣) ، فيظهر ما وقع من الخبط في حاشية النسائي في ذيل الخبر.
وأما الثاني ، فلأجل أنّ المستفاد من بعض الأخبار حصول البيع والشراء ببقيع الغرقد أيضاً ، وذلك ليس بمرفوض ، إذ لا مانع من ذلك ، خصوصاً قبل أن يصبح مقبرة عامة للناس ، وحتى بعد ذلك ، ومما يدل على ذلك : ما رواه الفضل بن شاذان في الخبر : .. قلت : أين أنت عن الزبير؟ ، فقال : اللعقة والله إذا لظل يضارب على الصاع والمدّ ببقيع الغرقد .. (٤).
وروى ابن أبي الحديد قول عمر في شأن الزبير : إنه شكس لقس ، ويلاطم في البقيع في صاع من برّ (٥).
وفي رواية قال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب : وإنك يومئذ تبيع القرص ببقيع
__________________
(١) سورة النساء : ٢٢.
(٢) فتح القدير ٣ / ٢٢٥ ؛ كنز العمال ٢ / ٥٦٨ ، وانظر ١٣ / ٢٦١.
(٣) تاريخ المدينة المنورة ، الهامش ، ١ / ٣٠٦.
(٤) الإيضاح ، فضل بن شاذان / ١٦٥ ؛ مواقف الشيعة ٣ / ١٣٩ ؛ ونحوه في تاريخ مدينة دمشق ٤٤ / ٤٣٩ ، وفيه : «قال : وعقة لقس يقاتل على الصاع بالبقيع».
(٥) شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٢٦ ؛ كنز العمال ٥ / ٧٣٧ ، و ٥ / ٧٤٠ (وفيه : وعقة لقس يقاتل على الصاع بالبقيع) ؛ ونحوه في الإحتجاج ، الطبرسي ١ / ٢٨٦ ؛ مواقف الشيعة ١ / ١٤٩.