بأصحابه ركعتين ، جهر فيهما بالقراءة ، قرأ في الأولى «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» ، والثانية «وَالضُّحى» ، ثمّ قلب رداءه لتنقلب السَّنة ، ثمّ حمد الله عزوجل وأثنى عليه ، ثمّ رفع يديه ، فقال :
«اللهمّ ضاحت بلادنا ، واغبرّت أرضنا ، وهامت دوابنا ، اللهمّ منزل البركات من أماكنها ، وناشر الرحمة من معادنها بالغيث المغيث ، أنت المستغفر للآثام ، فنستغفرك للجامات من ذنوبنا ، ونتوب إليك من عظيم خطايانا ، اللهمّ أرسل السماء علينا مدراراً واكفاً مغزوراً ، من تحت عرشك ، من حيث ينفعنا ، غيثاً مغيثاً دارعاً رايعاً ممرعاً طبقاً غدقاً وخصباً ، تسرع لنا به النبات ، وتكثر به البركات ، وتقبل به الخيرات ، اللهمّ إنك قلت في كتابك : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)(١) ، اللهمّ فلا حياة لشيء خلق من الماء إلا بالماء ، اللهمّ وقد قنط الناس ، أو من قنط منهم ، وساء ظنهم ، وهامت بهائمهم ، وعجت عجيج الثكلى على أولادها ، إذ حبست عنا قطر السماء ، فدقت لذلك عظمها ، وذهب لحمها ، وذاب شحمها ، اللهمّ ارحم البهائم الحائمة ، والأنعام السائمة ، والأطفال الصائمة ، اللهمّ ارحم المشايخ الركّع ، والأطفال الرضّع ، اللهمّ زدنا قوة إلى قوتنا ، ولا تردّنا محرومين ، انك سميع الدعاء ، برحمتك يا أرحم الراحمين».
فما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى جادت السماء ، حتى أهم كلّ رجل منهم كيف ينصرف إلى منزله ، فعاشت البهائم ، وأخصبت الأرض ، وعاش الناس ، كلّ ذلك ببركة رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وروى الزمخشري ان الناس قحطوا على عهده صلىاللهعليهوآله ، فخرج إلى بقيع الغرقد ،
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٣٠.
(٢) كنز العمال ٨ / ٤٣٦.