فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه ، فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني حبشي لم يره قطّ وليس على دينه ، فأنزل .. (١).
أقول : المقصود من الصلاة هنا إحدى هذه الاحتمالات :
الاول : المراد من الصلاة هو معناها اللغوي ، أي الدعاء ، قال الشيخ الطوسي في الخلاف : لا تجوز الصلاة على الغائب بالنية ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : يجوز ذلك ، دليلنا : ان ثبوت ذلك يحتاج إلى دليل شرعي وليس في الشرع ما يدلّ عليه ، وأما صلاة النبي صلىاللهعليهوآله على النجاشي فإنّما دعاء له ، والدعاء يسمى صلاة (٢).
الثاني : أن يقال : إن الأرض طويت له حتى صار كأنه بين يديه (٣).
الثالث : أن يقال : كشف له من المدينة ، كما مرّ عن الطبرسي ، وروى القطب الراوندي عن جابر وغيره : أن النبي صلىاللهعليهوآله أتاه جبرئيل وأخبره بوفاة النجاشي ، ثمّ خرج من المدينة إلى الصحراء (٤) ، ورفع الله الحجاب بينه وبين جنازته ، فصلى عليه ، ودعا له ، واستغفر له ، وقال للمؤمنين : «صلوا عليه» ، فقال منافقون : نصلي على علج بنجران؟ فنزلت الآية (٥) ، والصفات التي في الآية هي
__________________
(١) ميزان الحكمة ٤ / ٣٤٢٤ ؛ انظر : مجمع البيان ٢ / ٩١٦ ؛ تفسير جوامع الجامع ١ / ٣٦٥.
(٢) الخلاف ١ / ٧٣١ ، مسألة ٥٦٣ ؛ وانظر : السرائر ١ / ٣٦٠ ؛ المعتبر ٢ / ٣٥٢ ؛ جامع الخلاف والوفاق / ١١٤ ؛ تذكرة الفقهاء ٢ / ٢٨ ؛ تحرير الأحكام ، العلامة الحلي ١ / ١٢٤ ؛ و ٢ / ٢٥٢ ؛ البيان ، الشهيد الأول / ٢٨ ؛ الذكرى / ٥٤.
(٣) انظر : المعتبر ٢ / ٣٥٢ ؛ منتهى المطلب ١ / ٤٤٩ ؛ تذكرة الفقهاء ٢ / ٢٨ ؛ البيان / ٢٨ ؛ الذكرى / ٥٤.
(٤) البقيع ، كما في مناقب ابن شهراشوب ١ / ٩٣.
(٥) قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، سورة آل عمران : ١٩٩.