قد دفنوا فيهما رجلين ، فوقف النبي صلىاللهعليهوآله فقال : «من دفنتم ههنا اليوم؟ قالوا : يا نبي الله ، فلان. قال : إنهما ليعذبان الآن ، ويفتنان في قبريهما ، قالوا : يا رسول الله ، وما ذاك؟ قال : أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما أحدهما فكان لا يتنزه من البول» (١)
وروى الطبري عن أبي أمامة ، قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله بقيع الغرقد ، فوقف على قبرين ثريين ، فقال : «أدفنتم هنا فلاناً وفلانة ، أو قال : فلاناً وفلاناً ، فقالوا : نعم يا رسول الله ، فقال : قد أقعد فلان الآن يضرب ، ثمّ قال : والذي نفسي بيده ، لقد ضرب ضربة ما بقي منه عضو إلا انقطع ، ولقد تطاير قبره ناراً ، ولقد صرخ صرخة سمعتها مع الخلائق إلا الثقلين من الجنّ والإنس ، ولولا تمريج قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع ، ثمّ قال : الآن يضرب هذا ، الآن يضرب هذا ، ثمّ قال : والذي نفسي بيده ، لقد ضرب ضربة ما بقى منه عظم إلا انقطع ، ولقد تطايرها سعيد قبره ناراً ، ولقد صرخ صرخة سمعها الخلائق إلا الثقلين من الجن والإنس ، ولولا تمريج في قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع ، قالوا : يا رسول الله ، ما ذنبهما؟ قال : أما فلان فإنه كان لايستبرىء من البول ، وأما فلان أو فلانة فإنه كان يأكل لحوم الناس» (٢).
وروى البيهقي عن عبد الله بن حنطب : أنه بلغه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مرّ يسير على بغلة له بيضاء في المقابر ببقيع الغرقد ، فحادت به بغلته حيدة ، فوثب إليها الرجال من المسلمين ليأخذوا بلجامها ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : «دعوها ، فإنها سمعت عذاب سعد بن زرارة يعذب في قبره ، وكان رجلاً منافقاً» (٣).
__________________
(١) المعجم الكبير ٢٥ / ١٨١ ؛ مجمع الزوائد ٣ / ٥٦.
(٢) صريح السنة / ٢٩ ؛ انظر : سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٢.
(٣) اثبات عذاب القبر / ٥٧.