بعض أصحابنا قال : «أتت امرأة إلى عمر فقالت : يا أمير المؤمنين إني فجرت فأقم في حد الله ، فأمر برجمها وكان علي عليهالسلام حاضرا قال : فقال له : سلها كيف فجرت؟ قالت : كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته الماء فأبى علي أن يسقيني إلا أن امكنه من نفسي فوليت منه هاربة فاشتد بي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني ، فلما بلغ مني أتيته فسقاني ووقع علي ، فقال له عليهالسلام : هذه التي قال الله تعالى «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ» (١) هذه غير باغية ولا عادية إليه ، فخلى سبيلها ، فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر».
ولم أقف على من تكلم في هذين الخبرين وما هما عليه من الاختلاف في البين إلا المحدث المحسن الكاشاني في الوافي ، ولا بأس بنقل كلامه بطوله ، وإن طال به زمام الكلام لجودة محصوله ، قال في ذيل هذا الخبر ـ بعد أن أورده في أبواب الحدود في باب من أتى ما يوجب الحد لجهالة أو لضرورة ـ ما لفظه : «البغي الخيانة ، والظلم والعدوان التجاوز عن الحد وعن قدر الضرورة ، والمجرور في «إليه» راجع إلى الفجور ، والظاهر من أمر عمر برجم المرأة بعد إقرارها بالفجور من اكتفائه بالمرة من دون سؤال عن كونها محصنة أو غير محصنة ، وليس هذا من مثله ببعيد ، ثم المستفاد من هذا الحديث جواز الزنا إذا اضطر الإنسان إليه بحيث يخاف على نفسه التلف ، إلا أنه ستأتي هذه القصة بعينها في باب إثبات المتعة من كتاب النكاح بإسناد آخر وعبارة أخرى (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام وليس في آخر قوله عليهالسلام هذه التي قال الله تعالى. إلى آخر الحديث ، بل قال عليهالسلام : فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : تزويج ورب الكعبة ، ومفاده أنه ليس ذلك بزنا ولا فجور مضطر إليه بل هو نكاح حلال وتزويج صحيح ، وذلك لحصول شرائط النكاح فيه
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ١٧٣.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٦٧ ح ٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٧١ ح ٨.