تنقضي أيامه التي شرط عليها ، فقال : لا يجوز شرطان في شرط ، قلت : كيف يصنع ، قال : يتصدق عليها بما بقي من الأيام ، ثم يستأنف شرطا جديدا».
وهذه الأخبار مع اتفاقها على ما ذكرناه من صحة الهبة بجميع المدة وبعضها قبل الدخول وبعده مؤيدة بظاهر اتفاق الأصحاب على الحكم المذكور ، وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ـ حيث قال : وقد يشك في جواز هذه الهبة من حيث تجدده شيئا فشيئا ، فالثابت في الذمة حال البراءة ليس هو الحق للتجدد ـ فإنه محض اجتهاد في مقابلة النصوص.
إذا تقرر ذلك فاعلم أن ما قدمنا ذكره من أنه لو كان هبة المدة قبل الدخول وجب لها نصف المهر وسقط النصف الآخر كما في الطلاق قبل الدخول ، الظاهر أنه مما لا خلاف فيه بل ادعى عليه المحقق الشيخ علي الإجماع.
ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في التهذيب (١) بطريقين أحدهما في الموثق عن سماعة قال : «سألته عن رجل تزويج جارية أو تمتع بها ثم جعلته في حل من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال : نعم ، إذا جعلته في حل فقد قبضته منه ، فإن خلالها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الزوج نصف الصداق».
والتقريب فيها أنه لو لا أن الحكم تنصيف المهر في الصورة المذكورة لكان الواجب أن لا ترد إليه شيئا أو ترد الجميع كما لا يخفى ، وظاهره في المسالك التوقف في الحكم ، ومنشأه المناقشة في ثبوت الإجماع المدعى ، وأن الرواية مقطوعة يعني مضمرة ، واعتمد في وجوب تمام المهر على اقتضاء العقد ، لقصور الدلالة على المسقط ، وظاهر السيد السند في شرح النافع العمل بالرواية ، وإن كانت ضعيفة لجبرها باتفاق الأصحاب لعدم ظهور المخالف ، بل دعوى الإجماع كما عرفت ، وكل منهما قد خالف نفسه في غير موضع فيما ذكرناه هنا ، والوجه فيه ما قدمنا ذكره من أن أصحاب هذا الاصطلاح ـ لضيق الخناق ـ لا يقفون على ضابطة
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٢٦١ ح ٥٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٨٣ ح ١.