الأول : في جملة من المسائل المتعلقة بالمقام
الأولى : لا يجوز للعبد ولا للأمة أن يعقدا على أنفسهما نكاحا إلا بإذن السيد ، لأنهما ملك له ، فليس لهما أن يتصرفا في ملكه بغير رضاه ، ثم إنه لو تصرفا بغير إذنه كان ذلك من قبيل العقد الفضولي ، وقد تقدم الكلام في عقد النكاح الفضولي ، وأنه هل يكون صحيحا موقوفا على الإجازة أو باطلا ، تقدم ذلك في المسألة السابقة من المقصد الثاني في الأولياء من الفصل الأول ، وقد حققنا ثمة أن الأصح صحته ، وإن قلنا بالبطلان في غير النكاح من العقود ، كما تقدم تحقيقه في كتاب البيع ، ثم إن من قال بالبطلان في النكاح مطلقا فقد أبطله هنا.
ومن قال بالصحة وتوقفه على الإجازة ، فقد اختلفوا هنا على أقوال ، فمنهم من قال بالصحة وجعله موقوفا على الإجازة ، ومن أفراد النكاح وهو الأشهر عندهم.
ومنهم من جعل الإجازة كالعقد المستأنف وهو قول الشيخ في النهاية ، فإنه قال : من عقد على أمة غيره بغير إذن مولاها كان العقد باطلا ، فإن رضي المولى بذلك كان رضاه كالعقد المستأنف ، يستباح به الفرج ، وقد اختلفوا في تنزيل كلامه حيث إن ظاهره التناقض ، لحكمه ببطلان العقد ، ثم الاكتفاء عنه بالإجازة ، وجعلها مبيحة للنكاح كالعقد ، مع أن ما يقع باطلا في نفسه لا تثبت صحته بالإجازة على وجوه :
منها ما ذكره العلامة في المختلف من حمل كونه باطلا ، على معنى أنه يؤول إلى البطلان وهو جيد ، لأن إطلاق البطلان على الموقوف كثير شائع ، وعلى هذا فيرجع إلى القول الأول.
ومنهم من قال بالبطلان وهو مذهب ابن إدريس مع أنه حكم بصحة نكاح الفضولي في غير المملوك محتجا بالنهي المقتضي للفساد.