المسالك : وهذا التأويل وإن كان بعيدا إلا أن بناء حكم الشيخ ـ رحمهالله ـ على ظاهره أبعد.
أقول : إن الشيخ ليس بمعصوم من ذلك الاقدام ، فكم له من هفوات الأقلام في الأحكام التي لا تقبل الإصلاح بين الأنام ، والظاهر أن ما هنا من ذلك القبيل.
الثاني : ما ذكره بقوله «ولو حللها له» إلى آخره ، وتوضيحه أن الأمة إذا كانت مشتركة بين شريكين ، فأحل أحد الشريكين للآخر وطئها ، فهل تحل بذلك؟ الأكثر على العدم ، قالوا : لاستلزامه تبعيض سبب الإباحة ، بمعنى حصول النكاح بالملك والتحليل معا ، مع أن الله عزوجل حصره في أمرين ، العقد والملك بقوله «إِلّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ» (١) والتفصيل قاطع الشركة ، فلا يكون الملفق منهما سببا.
وذهب ابن إدريس إلى حلها بذلك ، لأن المراد بالملك الذي هو أحد السببين المذكورين ما هو أعم من ملك الرقبة والمنفعة ، والسبب الموجب للتحليل هنا هو الملك ، وإن كان مركبا من ملك الرقبة في بعضها وملك المنفعة في البعض الآخر ، فيكون السبب في حل جميعها واحدا ، وهو الملك.
ويدل عليه أيضا ـ وإن كان ابن إدريس لا يستند إليه ـ ما رواه الكليني والشيخ (٢) في باب السراري وملك الايمان في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن محمد بن قيس قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام ـ ورواه الصدوق في الصحيح أيضا عن الحسن بن محبوب عن ابن رئاب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته ـ عن جارية بين رجلين دبراها جميعا ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه ، قال : هي له حلال ، فأيهما مات قبل صاحبه فقد صار نصفها حرا من
__________________
(١) سورة المؤمنون ـ آية ٦.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٨٢ ح ٣ ، التهذيب ج ٨ ص ٢٠٣ ح ٢٣ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٩٠ ح ٢٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٤٥ ح ١.