(أحدها) عده مطلقا وهو قول الشيخين في الفقيه والتهذيب والمقنعة وابن الجنيد وأبي الصلاح وأكثر الأصحاب للخبرين المذكورين.
و (ثانيها) ثبوته بشرط كونه بينا ، ذهب إليه العلامة في المختلف والتحرير ، ونقله عن ابن إدريس ، واستدل عليه بالروايتين المذكورتين.
وأنت خبير بأنه لا دلالة فيهما على هذا القيد ، والعجب أن العلامة نسب هذا القول إلى الشيخ في النهاية والتهذيب مع أن الشيخ لم يقيده بذلك ، والمتبادر من لفظ البين ما كان ظاهرا في الحس وإن لم يبلغ حدا يمنع من التردد إلا بمشقة كثيرة ، وهذا هو المتبادر من لفظ العرج ، وحينئذ فيرجع القولان إلى قول وأحد ، وإن أريد هنا معنى آخر فلا أعرف له دليلا.
و (ثالثها) تقييده ببلوغ حد الإقعاد ، وهو قول المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والإرشاد ، وأنت خبير بما فيه ، فإن هذا لا يسمى عرجا لغة ولا عرفا.
قال في المسالك : وكأن الحامل لهم على هذا التقييد أمران : أحدهما : استبعاد كون مطلق العرج عيبا موجبا للخيار خصوصا مع وقوع الخلاف فيه ، وحصول الشك في خروج العقد من اللزوم إلى الجواز ، ومعارضة صحيحة الحلبي السابقة الدالة على عدم الرد بغير ما ذكره فيها من العيوب.
والثاني : ورود كون الزمانة عيبا في صحيحة داود بن سرحان ، فإن ظاهرها أن الرد منوط بالزمانة عملا بمفهوم الشرط وكذا رواية أبي عبيدة السالفة ، فيجب حمل المطلق على المقيد ، ثم قال : وفيه نظر ، لأن مفهوم الزمانة أمر آخر غير المفهوم من العرج ، ومقتضى النصوص كون كل واحد منهما عيبا برأسه ، وليس ذلك من باب المطلق والمقيد في شيء ، بل الظاهر أن الزمانة أمر خفي لا يطلع عليه الرجال ، والعرج ليس كذلك ، وسيأتي النقل عن الصدوق ـ رحمة الله عليه ـ أنه جعلهما أمرين وأثبت الخيار بالزمانة دون العرج ، واستبعاد كون العرج عيبا مطلقا غير مسموع بعد ورود النص الصحيح ، والشك في خروج