فانظر إلى هذه المخالفات العجيبة والأحكام الغريبة في هذا الخبر الواهي ، وكيف يحسن بعد ذلك الاستناد إليه في حكم من هذه الأحكام مع مخالفة مدلوله في جميعها لما عليه علماء الإسلام ، بل مثل هذا لا ينبغي إبداعه في كتب الحديث فضلا عن أن يجعل سند الحكم ، انتهى.
وفيه أن هذا الطعن ليس من خصوصيات هذا الخبر ، بل هنا أخبار عديدة فيها الصحيح باصطلاحهم دالة عليه ، وبها قال جملة من الأصحاب أيضا كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى عند ذكر المسألة المشار إليها ، بل ظاهر عبارة الصدوق في الفقيه والهداية هو القول بمضمون هذه الرواية ، وكذا عبارة ابن الجنيد القائل بذلك أيضا ، ولكن شيخنا الحر ـ رحمهالله ـ على رد هذا الخبر ورميه من البين غفل عن ذلك ، نعم هو بما تضمنه صدره من عدم جواز الزيادة على الخمسمائة درهم مخالف لعمومات الكتاب والسنة كما عرفت ، والله العالم.
وكيف كان فإن الأفضل هو الاقتصار على الخمسمائة لاستفاضة الأخبار بأنه مهر السنة حتى وقعت المبالغة فيه بما تضمنه هذا الخبر مما يؤذن بتعينه.
فمن الأخبار المشار إليها ما رواه ثقة الإسلام (١) في الصحيح عن معاوية بن وهب قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ساق رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا ، والأوقية أربعون درهما ، والنش نصف الأوقية عشرون درهما ، فكان ذلك خمسمائة درهم ، قلت : بوزننا ، قال : نعم».
وعن حماد بن عيسى (٢) في الحسن عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سمعته يقول : قال أبي : ما زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئا من بناته ، ولا تزوج شيئا من نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونش ، والأوقية أربعون درهما ، والنش عشرون درهما».
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٧٦ ح ٢ ، الوسائل ج ١٥ ص ٥ ح ١.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٣٧٦ ح ٥ ، قرب الاسناد ص ١٠ ، الوسائل ج ١٥ ص ٦ ح ٤.