مهور نسائها ، قال : فقال : هو مهر السنة ، وكلما قلت له شيئا قال : مهر السنة».
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في الروضة موافقة الأصحاب في الحكم المذكور من غير إشكال ولا مناقشة ، قال بعد ذكر المصنف الحكم المذكور ما لفظه : للنص والإجماع ، وبهما يندفع الاشكال مع جهل الزوجين أو أحدهما لما جرت به السنة منه ، ولقبوله الغرر كما تقرر ، والعجب أنه خالف نفسه في المسالك فناقش أولا في صدق كون ذلك على كتاب الله ، حيث إنه ليس في الكتاب ما يدل على كون المهر خمسمائة ثم التجأ إلى قوله «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ» (١) قال : ومما آتانا به كون السنة في المهر ذلك ، ثم نقل رواية أسامة بن حفص المذكورة وطعن في سندها بالضعف ، ثم قال : فإن كان على الحكم إجماع ، وإلا فلا يخلو من إشكال ، لأن تزويجها على الكتاب والسنة أعم من جعل المهر مهر السنة ، كما لا يخفى ، إذ كل نكاح مندوب إليه بل جائز فهو على كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله ثم على تقدير إرادتهما بذلك كون المهر مهر السنة ، ففي الاكتفاء بذلك عن ذكر القدر في العقد نظر ، كما لو قال : تزوجتك على المهر الذي تزوج به فلان ، انتهى.
أقول : أما المناقشة الأولى فإنها مدفوعة أولا بالرواية المذكورة وثانيا بالأخبار المستفيضة الدالة على أنه لا حكم من الأحكام إلا وهو مذكور في القرآن حتى أرش الخدش ، والجلدة ونصف الجلدة ، وفي جملة من الأخبار ما يدل على استنباطهم عليهمالسلام لجملة من الأحكام المخصوصة من آيات القرآن ما لم تبلغه عقولنا ولا تصل إليه أفهامنا ، وحينئذ فعدم علمه ومعرفته ـ رحمة الله عليه ـ هو وغيره لهذا الحكم من القرآن لا يدل على العدم ، كما لا يخفى.
وأما المناقشة الثانية فإنها مدفوعة بالخبر المذكور المنجبر بالشهرة ، إذ لا مخالف في الحكم المذكور وهو ممن نقل الإجماع عليه في الروضة كما سمعت ، وهذه قاعدة مسلمة بين أصحاب هذا الاصطلاح بالاتفاق ، وإن كانت ناشئة عن
__________________
(١) سورة الحشر ـ آية ٧.