من الفردين ، فقال : إن كان بلاده التي شرط الخروج إليها بلاد الشرك فإنه لا شرط له عليها في ذلك ، بمعنى أن شرطه باطل ، والوجه فيه ظاهر ، لما في الإقامة في بلاد الشرك من الشرر بالمسلم في دينه ، فلا يجب عليها إطاعته ، وكان لها مجموع المائة الدينار التي أصدقها إياها ، وإن كان بلاده بلاد الإسلام فله ما اشترط عليها ، بمعنى أنه يجب عليها متابعته والوفاء بما شرطه عليها من الخروج إلى بلاده ، لدخوله في الحديث المشهور (١) «المسلمون عند شروطهم».
بقي هنا شيء ، وهو أنه قد طعن جملة من الأصحاب في متن هذه الرواية بمخالفتها لمقتضى الأصول في مواضع : (أحدها) مجهولية المهر وعدم تعينه ، حيث جعله مائة على تقدير ، وخمسين على تقدير.
و (ثانيها) إنه أوجب فيها مائة دينار على تقدير إرادة الخروج بها إلى بلاد الشرك ، وإنه لا شرط له عليها ، بمعنى أنه لا يجب عليها الخروج معها مع أنه خلاف الشرط الذي وقع العقد عليه ، لأن استحقاق المائة إنما وقع على تقدير الخروج معه إلى بلاده كائنة ما كانت ، فكيف تستحق المائة مع عدم الخروج؟
و (ثالثهما) الحكم بعدم جواز إخراجها إلى بلاده ـ وإن كانت دار الإسلام ـ إلا بعد أن يعطيها المهر الشامل لما لو كان ذلك قبل الدخول وبعده ، مع أنه بعد الدخول لا يجوز لها الامتناع عند أكثر الأصحاب ، كما تقدم على أنه لا يجب عليه إعطاء المهر مطلقا من دون أن تطلبه ، مع أنه قد حكم في الرواية بعدم جواز خروجه بها إلا بعد أن يؤدي صداقها ، ولو لم تطلبه ، وربما كان منشأ تردد المحقق كما قدمنا نقله عنه من هذه المخالفات التي اشتملت عليها الرواية ، وظاهر المحقق الشيخ علي في شرح القواعد بناء على مذهبه في المسألة السابقة
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٤٠٤ ح ٨ و ٩ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٧٣ ح ٧٠ ، الوسائل ج ١٥ ص ٤٩ ح ٢.