فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولا مائلا شقه حتى يدخل النار».
وينبغي أن يعلم أن وجوب العدل في القسم إنما هو باعتبار المساواة فيما تقدم ذكره من الأمور الواجبة عليه من النفقة والكسوة والإسكان والمبيت والإقامة عندها في يومها وليلتها لا بالنسبة إلى المودة التي هي أمر قلبي ، لقوله عزوجل «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ، فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» الآية (١) وإليه يشير الحديث النبوي المتقدم.
وروي في الكافي في الصحيح أو الحسن عن نوح بن شعيب ومحمد بن الحسن (٢) قال : «سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له : أليس الله حكيما؟ قال : بل هو أحكم الحاكمين ، قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً» (٣) أليس هذا فرض؟ قال : بلى ، قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ، فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب ، فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال : يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة؟ قال : نعم جعلت فداك لأمر أهمني ، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شيء ، قال : وما هي؟ قال : ـ فأخبره بالقصة ـ فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : أما قوله عزوجل «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً» يعني في النفقة ، وأما قوله «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» يعني في المودة ، قال : فلما قدم عليه هشام بهذا
__________________
(١) سورة النساء ـ آية ١٢٩.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٣٦٢ ح ١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٨٦ ح ١.
(٣) سورة النساء ـ آية ٣.