قال في كتاب مجمع البيان (١) : «واختلف في المخاطب بإنفاذ الحكمين من هو؟ فقيل : السلطان الذي ترافع الزوجان إليه ، عن سعيد بن جبير والضحاك وأكثر الفقهاء ، وهو الظاهر في الأخبار عن الصادقين عليهماالسلام وقيل : إنه الزوجان أو أهل الزوجين عن السدي ، واختلفوا في الحكمين هل لهما أن يفرقا بالطلاق إن رأيا أم لا؟ والذي في روايات أصحابنا عنهم عليهمالسلام أنه ليس لهما ذلك إلا بعد أن يستأمراهما ويرضيا بذلك ، وقيل : إن لهما ذلك ، عن سعيد بن جبير والشعبي والسدي وإبراهيم ، ورووه عن علي عليهالسلام ، ومن ذهب إلى هذا القول قال : إن الحكمين وكيلان ، انتهى.
وأنت خبير بأنه ليس في الأخبار المتقدمة ما يدل على ما نحن فيه إلا كلام الرضا عليهالسلام في كتاب الفقه ، فإنه صريح في أن البعث من الزوجين ، وإنما نسب هذا القول إلى الصدوق في الفقيه (٢) لأنه قد عبر بهذه العبارة حيث قال : الشقاق قد يكون من المرأة والرجل جميعا ، وهو ما قال الله تعالى «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها» (٣) فيختار الرجل رجلا وتختار المرأة رجلا ، فيجتمعان على فرقة أو صلح ، فإن أرادا الإصلاح أصلحا من غير أن يستأمرا ، وإن أرادا أن يفرقا فليس لهما أن يفرقا إلا بعد أن يستأمرا الزوج والمرأة ، انتهى (٤).
والظاهر أن عبارة أبيه في الرسالة كذلك أيضا ، وأما عبارة المقنع فهي
__________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٤٤.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ٣٣٧.
(٣) سورة النساء ـ آية ٣٤.
(٤) ثم قال في تمام هذا الكلام : وهو المناسب بمقام البعث والتحكيم واللائق بقطع التنازع والمروي. ثم ذكر القولين الآخرين وضعفهما ، وكلامه ظاهر في اختيار هذا القول ب ـ (منه ـ قدسسره ـ).