كما لا يخفى على من جاس خلال الديار ، والموجود في الأخبار مما يدل على تحريم المناكحة ما يزيد على ما قدمناه أضعافا مضاعفة ، ثم أنه استدل على القول الذي اختاره بما قدمنا نقله عنه في صدر المسألة من الإجماع على اعتبار الإسلام ، وعدم الدليل الصالح لاعتبار غيره ، ثم قال في آخر البحث : وروى عبد الله بن سنان (١) في الصحيح قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام : بم يكون الرجل مسلما يحل مناكحته وموارثته ، وبم يحرم دمه؟ فقال : يحرم دمه بالإسلام إذا أظهر وتحل مناكحته وموارثته». وهو أصح ما في الباب سندا وأظهر دلالة ، فقد ظهر بذلك قوة ما اختاره المصنف وإن كان الاحتياط في الفروج أولى ، انتهى.
أقول : ووجه النظر يتطرق إلى مواضع من هذا الكلام : الأول : ما قدمنا نقله من قوله في الجواب عن رواية أبي بصير المروية في الفقيه عن صفوان عن زرارة ـ أن النهي عن الشكاك لا يستلزم النهي عن غيرهم ـ فإن فيه منعا ظاهرا ، كيف وتعليله عليهالسلام ذلك بأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه ، ينادي باستلزام النهي عن تزويج الشكاك النهي عن تزويج المخالفين الذين هم أسوء حالا وأثقل أحمالا وأسوء عقيدة من الشكاك كما لا يخفى على من له أدنى ذوق وروية ، وقد ساعدنا على هذه المقالة سبطه السيد السند ـ قدسسره ـ في شرح النافع ، فقال بعد نقله الصحيحة المذكورة : ووجه الدلالة أن المنع من تزويج الشكاك يقتضي المنع من تزويج غيره من المعتقدين لمذهب أهل الخلاف بطريق أولى ، ويؤيده التعليل المستفاد من قوله عليهالسلام : لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه ، انتهى.
الثاني : ما أجاب به عن صحيحة عبد الله بن سنان من قوله : إن المستضعف يطلق ـ إلى آخر ما قدمنا نقله عنه ـ فإن فيه أن ما ذكره من هذا المعنى لم ينقله ناقل من علمائنا ، ولا ورد به خبر من أخبارنا ، والظاهر أنه ألجأته إليه ضرورة التعصب لهذا القول الضعيف والمذهب السخيف ، فإن جملة من الأصحاب
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٣٠٣ ح ٢٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٢٧ ح ١٧.