فسروا المستضعف بتفسيرات متقاربة ومعان متناسبة ، لا مدخل لهذا القول الذي تحمله فيها ، وقد فسره ابن إدريس ـ طاب ثراه ـ بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم.
وعرف في الذكرى بأنه الذي لا يعرف الحق ولا يعاند عليه ، ولا يوالي أحدا بعينه.
وعرفه الشيخ المفيد في المسائل الغرية بأنه لا يعرف بالولاء ، ويتوقف عن البراءة ، وهذه التعاريف كلها متقاربة في المعنى ، وتعاريف الأصحاب كلها من هذا القبيل ، كما صرحوا به في بحث الصلاة على الأموات ، وأما الأخبار في تفسيره فمن هذا القبيل أيضا ، وقد عقد له في الكافي بابا وسماه باب المستضعف (١) وأخباره كلها كما ذكرناه ، ففي جملة منها أنه عبارة «عمن لا يستطيع أن يؤمن ، ولا يستطيع أن يكفر» وفي بعضها هم النساء والأولاد ، وفي بعضها من لم يعرف اختلاف الناس ، وفي بعضها من لم ترفع له حجة ، ومرجعها كلها إلى ضعف العقل ، على أن ما ذكره من المعنى فاسد في حد ذاته ، حيث إنه لا يفهم من الأسوء حالا من المخالف العارف ، وهو المعنى الذي فسر به المستضعف هنا إلا الأشد عنادا في مذهبه الباطل وتعصبا في دينه العاطل ، وليس ذلك إلا بعداوة أهل البيت أو عداوة شيعتهم لأجلهم ، لأنا لا نعقل من المخالف متى أطلق إلا المخالف في الإمامة ، والمقدم فيها سيما مع وصفه بالعارف ، وحينئذ فالأسوء حالا منه إنما هو الناصب المجاهر بالعداوة ، وقد عرفت أن الرواية تضمنت حكم الناصب أولا فلا معنى لذكره ثانيا. وبالجملة فإن كلامه هنا مختبط لا يظهر له وجه استقامة بالكلية.
الثالث : فيما استند اليه من رواية الفضيل بحمل قوله عليهالسلام ـ بعد قول السائل فأزوجها الغير الناصب ولا العارف ـ : «وغيره أحب إلي منه» على إرادة التفضيل من هذه الصيغة ، فإنه يقتضي كون تزويج الغير الناصب والعارف وهو المستضعف
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٤٠٤ ح ١.