وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك التوقف ايضا حيث اقتصر على نقل الأقوال وأدلتها ولم يرجح شيئا في البين ، إلا أن الظاهر أنه لم يقف على صحة الخبرين اللذين قدمناهما دليلا لابن الجنيد ، فإنه إنما نقل رواية ربعي والفضيل عارية عن وصفها بالصحة ، والظاهر أنه أخذها من التهذيب ، فإنها فيه ضعيفة وإلا فهي في الفقيه صحيحة ، وأما صحيحة أبي بصير فلم يتعرض لها ، والظاهر أنه لو وقف على صحة هاتين الروايتين لما عدل عنها بناء على عادته وطريقته كما علمته من سبطه في شرح النافع.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الظاهر عندي في المقام بالنظر إلى هذه الأخبار ـ بناء على قاعدتنا في العمل بجميع الأخبار من غير التفات إلى هذا الاصطلاح المحدث ـ أمر آخر غير ما ذكروه ، وذلك فإن صريح رواية السكوني كون الزوج معسرا ، وأما صحيحة ربعي والفضيل وكذا صحيحة أبي بصير فإنهما مطلقتان ، وحينئذ فيمكن حمل إطلاقهما على ما صرحت به رواية السكوني من التقييد ، فينتج من ذلك أن الزوج متى كان معسرا وجب عليها الصبر ، عملا باستصحاب لزوم العقد ولا تتخير في فسخ عقدها ، ولا يجوز أن يفرق بينهما ، وأما إذا كان ذا يسار ولم ينفق عليها فإن الحكم فيه ما دلت عليه الصحيحتان من التفريق بينهما ، ويؤيد ما ذكرناه ما هو المفهوم من رواية جميل بن دراج كما ذيلناها به من أنه يجبر على الإنفاق عليها أو الطلاق ، ومن الظاهر أن الخبر على الإنفاق إنما هو مع إمكانه ، وعلى ما ذكرناه لا تكون الصحيحتان من محل البحث في شيء لتخصيصهما بمن كان ذا يسار ، ومحل البحث إنما هو العاجز عن الإنفاق.
وبالجملة فالأظهر عندي في الجميع بين الأخبار هو ما ذكرته ، وبه يظهر قوة القول المشهور ، وأنه هو المؤيد المنصور.
ثم أنه لا يخفى أن الذي ذكروه هنا ـ بناء على قول ابن الجنيد ـ هو تخير المرأة في فسخ العقد وعدمه ، والذي دلت عليه الصحيحتان التفريق ، وهو