فإذا لامسها نقص من الإيمان وتفصّى منه ، فليس يعود فيه حتّى يتوب. فإذا تاب تاب الله عليه ، وإن عاد أدخله الله نار جهنّم.
فأمّا أصحاب المشأمة فهم اليهود والنّصارى ، يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) يعرفون محمّدا والولاية في التّوراة والإنجيل ، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أنّك الرّسول إليهم (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ). فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم [الله] (١) بذلك ، فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوّة ، وروح الشّهوة ، وروح البدن. ثمّ أضافهم إلى الأنعام فقال : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) لأنّ الدّابّة إنّما تحمل بروح القوّة ، وتعتلف بروح الشّهوة ، وتسير بروح البدن.
فقال [له] (٢) السّائل : أحييت قلبي بإذن الله ، يا أمير المؤمنين.
وروي (٣) عن كميل بن زياد أنّه قال : سألت مولانا أمير المؤمنين ، عليّا ـ عليه السّلام ـ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أريد أن تعرّفني نفسي.
قال : يا كميل ، وأيّ الأنفس تريد أن أعرّفك؟
قلت : يا مولاي ، هل هي إلّا نفس واحدة؟
قال : يا كميل ، إنّما هي أربعة : النّامية النّباتيّة ، والحسّيّة الحوانيّة ، والنّاطقة القدسيّة ، والكلّيّة الإلهيّة.
ولكلّ واحدة من هذه خمس قوى وخاصّيتان : فالنّاميّة النّباتيّة لها خمس قوى : ماسكة ، وجاذبة ، وهاضمة ، ودافعة ، ومربيّة.
ولها خاصيّتان : الزّيادة والنّقصان. وانبعاثها من الكبد.
والحسّيّة الحيوانيّة لها خمس قوى : سمع ، وبصر ، وشمّ ، وذوق ، ولمس. ولها خاصّيتان : الرّضا والغضب. وانبعاثها من القلب.
والنّاطقة القدسيّة لها خمس قوى : فكر ، وذكر ، وعلم ، وحلم ، ونباهة. وليس لها انبعاث ، وهي أشبه الأشياء بالنّفوس الملكيّة. ولها خاصّيتان : النّزاهة والحكمة.
__________________
(١ و ٢) من المصدر مع المعقوفتين.
(٣) لم أجد الحديث في المصادر المعتبرة وانّما أورده العلامة المجلسي في البحار ٦١ / ٨٤ ـ ٨٥. ولم يستند بكتاب وقال : وقد روى بعض الصوفية في كتبهم عن كميل بن زياد.