ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعا ، عن الحسن بن عبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثّاني ـ عليه السّلام ـ قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : سأل رجل أبي ـ عليه السّلام ـ.
فقال : يا ابن رسول الله ، سآتيك بمسألة صعبة. أخبرني عن هذا العلم ، ما له لا يظهر ، كما كان يظهر مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟
قال : فضحك أبي ـ عليه السّلام ـ وقال : أبى الله أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للإيمان به ، كما قضى على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلّا بأمره. فكم من اكتتام قد اكتتم به حتّى قيل له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ). وأيم الله ، إنّه لو صدع (١) قبل ذلك ، لكان آمنا. ولكنّه إنّما نظر في الطّاعة وخاف الخلاف ، فلذلك كفّ. فوددت أنّ عينك تكون مع مهديّ هذه الأمّة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السّماء والأرض تعذّب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء.
ثمّ أخرج سيفا. ثمّ قال : ها إنّ هذا منها.
قال : فقال أبي : والّذي اصطفى محمّدا على البشر.
قال : فردّ الرّجل اعتجاره (٢) ، وقال : أنا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة ، غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوّة لأصحابك.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٣) ، بإسناده إلى محمّد بن عليّ الحلبيّ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : اكتتم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [بمكة] (٤) مختفيا خائفا خمس سنين ليس يظهر أمره ، وعليّ ـ عليه السّلام ـ معه وخديجة. ثمّ أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يصدع بما أمر به ، فظهر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأظهر أمره.
وفي خبر آخر (٥) : أنّه ـ عليه السّلام ـ كان مختفيا بمكّة ثلاث سنين.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : أصدع.
(٢) الاعتجار : لفّ العمامة على رأسه. والردّ هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله : «ففتح الرّجل عجيرته واستوى جالسا وتهلّل وجهه ...» وإن شئت الوقوف على تمام الحديث راجع نفس المصدر.
(٣) كمال الدين ٢ / ٣٤٤ ، ح ٢٨.
(٤) من المصدر.
(٥) نفس المصدر والموضع.