وبإسناده (١) إلى عبيد الله بن عليّ الحلبيّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : مكث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة بعد ما جاء الوصي عن الله ـ تبارك وتعالى ـ ثلاث عشرة سنة ، منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتّى أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يصدع بما أمره به ، فأظهر حينئذ الدّعوة.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن محمّد بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : اكتتم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة سنين ليس يظهر ، وعليّ معه وخديجة.
ثمّ أمره الله أن يصدع بما يؤمر ، فظهر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب ، فإذا أتاهم قالوا : كذّاب امض عنّا.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).
الآية نزلت بمكّة بعد أن نبّئ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بثلاث سنين. وذلك أنّ النّبوّة نزلت على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم الاثنين ، وأسلم عليّ ـ عليه السّلام ـ يوم الثّلاثاء ، ثمّ أسلمت خديجة بنت خويلد ، زوجة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ثمّ دخل أبو طالب على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو يصلّي وعليّ بجنبه ، وكان مع أبي طالب جعفر.
فقال له أبو طالب : صل جناح ابن عمّك.
فوقف جعفر على يسار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فبدر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من بينهما. فكان يصلّي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وعليّ وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة [يأتمون به] (٤). فلمّا أتى لذلك ثلاث سنين ، أنزل الله عليه (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ).
وكان المستهزءون برسول الله خمسة : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطّلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن الطّلاطلة الخزاعيّ.
أمّا الوليد ، فكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ دعا عليه لما كان يبلغه من إيذائه واستهزائه. فقال : اللهم ، أعم بصره وأثكله بولده. فعمي بصره وقتل ولده ببدر
__________________
(١) نفس المصدر والموضع ، ح ٢٩.
(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٣ ، ح ٤٧.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٧٧ ـ ٣٨١.
(٤) من المصدر.