ثمّ فاضت نفسه.
ومرّ ربيعة بن الأسود برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأشار جبرئيل إلى بصره ، فعمى ومات.
ومرّ به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار جبرئيل إلى بطنه ، فلم يزل يستسقي حتّى انشقّ بطنه.
ومرّ العاص بن وائل ، فأشار جبرئيل إلى رجليه (١) ، فدخل عود في أخمص قدمه وخرج (٢) من ظاهره ، ومات.
ومرّ به الحارث بن الطّلاطلة (٣) ، فأشار جبرئيل إلى وجهه ، فخرج إلى جبال تهامة فأصابته السّمائم (٤) واستسقى حتّى انشقّ بطنه. وهو قول الله (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ).
فخرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فقام على الحجر وقال : يا معشر قريش يا معاشر العرب ، أدعوكم إلى شهادة : أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، وآمركم بخلع الأنداد والأصنام. فأجيبوني ، تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم وتكونوا ملوكا في الجنّة.
فاستهزءوا منه ، وقالوا : جنّ محمّد بن عبد الله. ولم يجسروا عليه ، لموضع أبي طالب.
فاجتمعت قريش إلى أبي طالب ، فقالوا : يا أبا طالب ، إنّ ابن أخيك قد سفّه أحلامنا وسبّ آلهتنا وأفسد شبابنا وفرّق جماعتنا. فإن كان حمله (٥) على ذلك الغرم ، جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ، ونزوّجه أيّ امرأة شاء من قريش.
فقال له أبو طالب : ما هذا ، يا ابن أخي؟
فقال : يا عمّ ، هذا دين الله الّذي ارتضاه لأنبيائه ورسله ، بعثني الله رسولا إلى النّاس.
فقال : يا ابن أخي ، إنّ قومك قد أتوني يسألوني أن أسألك أن تكفّ عنهم.
__________________
(١) الظاهر : رجله.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فدخل يداه في أخمص قدميه وخرجت.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : ابن أبي الطلاطلة.
(٤) السمائم ـ جمع السموم ـ : الريح الحارّة.
(٥) المصدر : يحمله.